تواصل ساكنة مركز جماعة الطاوس، خاصة النساء، احتجاجاتها اليومية أمام المستوصف القروي المحلي للمطالبة بفتح تحقيق نزيه وشفاف في قضية وفاة ثلاثة تلاميذ إثر انهيار جزء من سور خارجي للمستوصف المذكور، والتدخل من أجل إصلاح الوضع الصحي بالمنطقة، وإغلاق كل البنايات الآيلة للسقوط.
وخلال الزيارة التي قامت بها جريدة هسبريس الإلكترونية إلى مركز جماعة الطاوس، رافقها العديد من أبناء الجماعة لتفقد العديد من البنايات الإدارية والسكنية المهددة بالسقوط في أي لحظة، بدءا من السكن الوظيفي التابع للمستوصف القروي، الذي ظهرت عليه تشققات كثيرة، والمستوصف نفسه.
بعد الفاجعة المؤلمة التي راح ضحيتها ثلاثة تلاميذ تتراوح أعمارهم ما بين 10 و12 سنة، وإصابة رابع، يبلغ من العمر 15 سنة، بجروح بليغة، مازال يتابع العلاج منها بالمستشفى الجهوي بالرشيدية، عاد شبح انهيار المباني، خاصة المؤسسات العمومية، ليهدد المئات من أبناء المنطقة، والساكنة عموما، وفق إفادة الفاعل الجمعوي حسن آيت لمودن.
وقال آيت لمودن، في تصريح لهسبريس، إن “هذه الفاجعة المؤلمة يجب ألّا تمر مرار الكرام على جميع من لهم علاقة بالموضوع”، موردا: “هناك تهميش وتقصير مقصودان في حق هذه المنطقة الحدودية من طرف المسؤولين، علما أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله يدعو دائما إلى التقرب من المواطنين والعناية بهم”، وفق تعبيره.
مستوصف وسكن آيلان للسقوط
في تصريحات متطابقة، أفاد سكان الطاوس بأن تاريخ بناء المستوصف القروي وسوره الخارجي كان سنة 2009 فقط، أي قبل 13 سنة، مشيرين إلى أنهم وجهوا شكايات كثيرة بخصوص التشققات الموجودة بالمؤسسة الصحية والسكن الوظيفي والسور الخارجي إلى المسؤولين، لكن دون جدوى، والنتيجة أن فاجعة وقعت راح ضحيتها ثلاثة تلاميذ أبرياء كانوا في طريقهم إلى المدرسة.
وقال حميد بن عدي، من الساكنة المحلية، إن “المستوصف القروي الحالي للطاوس يجب أن يغلق لأنه أصبح يشكل خطرا حقيقيا على حياة الساكنة والإطار التمريضي المسير له”، مضيفا أن “الجميع يعلم حجم الخطورة التي قد يسببها انهيار المستوصف فوق رؤوس الساكنة، لكن لا أحد سيتحرك حتى تقع فاجعة مؤلمة أخرى”، على حد تعبيره.
وأضاف بن عدي، في تصريح لهسبريس، أن “وزارة الصحة والحماية الاجتماعية مطالبة بالتحرك بشكل عاجل لإيفاد لجنة تقنية لإجراء خبرة حول جودة الأشغال من أجل حماية الساكنة من انهيارات محتملة، سواء بالمستوصف أو السكن الوظيفي”، مشيرا إلى أن “الوضع الحالي للبنايتين يشكل خطرا حقيقيا لا يمكن إنكاره”.
مدرسة “مهددة”
كشفت ساكنة مركز جماعة الطاوس والدواوير المجاورة أنها قررت، بعد وقوع فاجعة وفاة التلاميذ الثلاثة، منع أبنائها من ولوج المدرسة الابتدائية الواقعة بالمركز، وبالضبط بالقرب من الإعدادية السابقة.
وفي هذا الإطار، قالت خديجة، من الساكنة المحلية: “قررنا منع أبنائها من ولوج المدرسة الابتدائية أولا تضامنا مع أسر التلاميذ الثلاثة الذين قتلوا بسبب الاختلالات التي شابت أشغال السور الخارجي للمستوصف القروي، ثانيا من أجل فتح تحقيق من طرف المصالح المركزية في الفاجعة، ثالثا لأن المدرسة الابتدائية بدورها مهددة بالسقوط في أي لحظة”.
وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن “مسؤولي القطاع التربوي أرسلوا، السبت، لجنة إقليمية تقنية للوقوف على المشاكل البنيوية التي تهدد المدرسة الابتدائية، وأكدت اللجنة للساكنة أن هذه المؤسسة التعليمية أصبحت تشكل خطرا على التلاميذ، وقرر المسؤولون تحويل التلاميذ إلى الإعدادية القديمة التي تم تحويلها في وقت سابق إلى مركز مرزوكة، في انتظار بناء مدرسة جديدة”.
وطالبت الساكنة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة (الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بدرعة تافيلالت) بالتدخل من أجل حماية التلاميذ من مثل هذه الفواجع الأليمة، وإغلاق كل مؤسسة تعليمية تشكل خطرا على روادها.
والتمس السكان “فتح تحقيق في جميع البنايات المهددة بالسقوط، سواء تعلق الأمر ببنايات الصحة أو التعليم أو الإدارات العمومية الأخرى، ومراقبة الأشغال التي يتم إنجازها من طرف بعض المقاولات التي تبحث عن الربح ولا يهما المواطن الذي قد يموت بفواجع مؤلمة”، بتعبير أحدهم.
الطاوس تناشد الملك
“لا أمل في المسؤولين هنا.. أملنا نحن ساكنة الطاوس فيك يا جلالة الملك”، عبارة رددتها سيدة تدعى عائشة، من سكان مركز جماعة الطاوس، التي قالت إن “المسؤولين الإقليميين لم يعيروا أي اهتمام للفاجعة التي راح ضحيتها ثلاثة تلاميذ في عمر الزهور، ولم يكلفوا أنفسهم عناء التنقل إلى المنطقة لتقديم على الأقل واجب العزاء للأسر المكلومة”.
وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن “الفاجعة يمكن أن تتكرر في المنطقة، وذلك نتيجة الإهمال والاختلالات التي تشوب الكثير من الأشغال العمومية”، موردة أن “الساكنة تناشد من هذا المنبر جلالة الملك التدخل من أجل إعطاء أوامره السامية لفتح تحقيق ومحاسبة كل متورط في الفاجعة”.
وتابعت عائشة بأن “جميع المسؤولين، سواء الإداريين أو المنتخبين، تعاملوا بلا مبالاة مع مطالب الساكنة، علما أن هذه الأخيرة قدمت عددا من الشكايات حول البنايات الآيلة للسقوط”، مضيفة أن “الساكنة اليوم توجه رسالة استعطاف إلى قائد الأمة الملك محمد السادس من أجل إنقاذ رعاياه الأوفياء في هذا الجزء من المغرب الحبيب، ورفع جميع أشكال التهميش والإقصاء عنها”.
وأكدت المتحدثة لهسبريس أن “ما يجب أن يفتح فيه تحقيق هو البنايات الآلية للسقوط التي لم يمض على بنائها سوى عقد من الزمن أو أقل”، وأن “ما يطرح أكثر من علامة استفهام هو مدى احترام الضوابط القانونية في البناء، ودور الدولة في إعادة تأهيل بعض المباني المهددة بالسقوط، والتعامل مع أبناء المغرب بازدواجية”، مستحضرة بخصوص هذه النقطة الأخيرة “قضية ريان بالشمال، وقضية ثلاثة أطفال بالجنوب الشرقي”، على حد تعبيرها.