قال الإعلامي بلال مرميد، في حديثه عن طريقة دعم الأعمال السينمائية بالمغرب، إن “العيب كبير أن نجتر في كل دورة من دورات منح الدعم الأسباب نفسها التي تدعو للقرف، وأن تبقى الأمور على حالها، وألا نغير أي شيء، مع الإصرار على الاحتفاظ بالعادات القبيحة نفسها”.
وأضاف مرميد، في مقال له بعنوان “لجنة الدعم وأخواتها”، أن “قائمة المشاريع المدعمة ضمت وتضم أيضا هذه المرة استثناء جميلا أو اثنين، لكن أسماء أخرى تطرح بخصوصها كثير من علامات استفهام”، متسائلا: “كيف يمكن لأناس لا يكتبون أسماءهم بطريقة سليمة أن يدعموا ككتاب سيناريو؟ وكيف يمكن لآخرين نخبر من زمان وهنهم أن يحتجوا على عدم دعم ما يقترفونه؟”.
وأشار بلال مرميد إلى أن “الأمر متعب أن تقرأ شهادات لأناس عبروا أمام لجنة تقمعهم أكثر مما تسألهم عن سيناريوهاتهم”، مضيفا أن “هناك كفاءات في المجال، لكن المشكل يكمن في أن بعض العجزة من سينمائيينا ونقادنا اعتادوا أن يأكلوا، ولا يتعبون من الأكل”.
هذا نص المقال:
هو أمر مرهق،
أن تشرح لسنوات مكامن الخلل في طريقة دعم الأعمال السينمائية عندنا، ليتفق معك أغلب عقلاء الحرفة، ثم نترك في الأخير كل الاقتراحات الصالحة، ونعتمد في التقييم على تلك الطالحة.
عيب كبير أن نجتر في كل دورة من دورات منح الدعم الأسباب نفسها التي تدعو للقرف، وأن تبقى الأمور على حالها؛ ألا نغير أي شيء، مع الإصرار على الاحتفاظ بالعادات القبيحة نفسها.
طالعت مثل بقية الخلق نتائج لجنة دعم الأعمال السينمائية برسم الدورة الثانية من العام الحالي، التي ترأسها غيثة الخياط، وشعرت كالعادة بكثير من أسى يبعث على الأسى، لكني لم أتفاجأ نهائيا. فيلم قديم، نعيد عرضه في كل مرة، وقرارات لا تحظى بالإجماع، ولجان بمكونات لا تستوعب في أغلبها معنى قراءة سيناريو فيلم سينمائي.
قائمة المشاريع المدعمة ضمت وتضم أيضا هذه المرة استثناء جميلا أو اثنين، لكن أسماء أخرى تطرح بخصوصها كثير من علامات استفهام. كيف يمكن لأناس لا يكتبون أسماءهم بطريقة سليمة أن يدعموا ككتاب سيناريو؟
وكيف يمكن لآخرين نخبر من زمان وهنهم أن يحتجوا على عدم دعم ما يقترفونه. أشياء غريبة حصلت وتحصل، لأن الطريقة التي يتم الاشتغال بها لن تحقق أي نقلة نوعية في سينمانا. بهذه الأسلوب وبهذا الارتجال، سنتوفق فقط في حصد مزيد من إخفاقات.
هناك أساس يمكن أن ننطلق منه، ومنه يمكن أن نعبر نحو تعديل مرسوم تحديد شروط ومساطر الدعم.. أن نحدد أهدافنا منذ البدء، وندعم الكفاءات، دون أن ندفع للاختيار بين القبول بنتائج لجان دعم أغلب أعضائها بعيدون كل البعد عن السينما، أو التلويح بمنح مفاتيح السينما لشركات إنتاج تقتل المكتسبات.
شخصيا، كنت ومازلت وسأبقى ضد الاحتمالين معا، لأن الحل متوفر، إن كانت الرغبة الفعلية هي الإصلاح. هناك تفاصيل كثيرة تحتاج المراجعة، ومنها الكيفية التي تقدم وتناقش بها المشاريع، وطريقة التصويت، مع تبرير الاختيارات في الأخير. هو مجال تواصل بامتياز، وعندنا يغيب التواصل بين اللجان والمرشحين، وتشك أحيانا كمتتبع في النوايا للأسف الشديد.
هو أمر مرهق،
أن أجد نفسي أكتب عن موضوع خصصت له شخصيا عشرات الأركان في السابق، وهو أمر متعب أن تقرأ شهادات لأناس عبروا أمام لجنة تقمعهم أكثر مما تسألهم عن سيناريوهاتهم. هناك كفاءات في المجال، لكن المشكل يكمن في أن بعض العجزة من سينمائيينا ونقادنا اعتادوا أن يأكلوا، ولا يتعبون من الأكل؛ بعضهم يعترضون حين يرون اسمي ضمن لجان التحكيم.. يفضون بضعفهم حين أتكلم، ويحتجون حين أصمت.
هؤلاء، أبشرهم بأن عطلتي انتهت، وبأني قبلت بعد ساعات من تردد اقتراح عضوية لجنة تحكيم الفيلم الطويل في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في شتنبر المقبل. هؤلاء، يتمنون أن يشوشوا على علاقتي الصافية مع غالبية السينمائيين المجتهدين عندنا، ومع جمهور السينما في هذا البلد. هؤلاء المساكين، الذين أعرف كثيرا من تفاصيل تخص أساليبهم الرخيصة في الماضي وفي الحاضر، أخبرهم بأن المستقبل لنا، وليس لغيرنا.
السينمائيون الحقيقيون، وجمهور السينما، أسكن في عقولهم، ولست مضطرا لأدفع ثمن الإيجار. سأعود للموضوع هذا الأسبوع لأن الرأسمال الزمني لفترة راحتي انقضى، والسلام.