قلق من وضع الشعر والشعراء بالمغرب حضر في مؤتمر “بيت الشعر”، الأحد بقاعة ابا حنيني بالرباط، وعبر عنه نقاش الأعضاء، وورقة لهيئته التنفيذية.
من بين ما تذكره هذه الورقة المقترحة على حاضري الجمع العام العادي لـ”بيت الشعر في المغرب” أنه “في زمن يُشاع فيه أن الشعر غير مقروء” تعمل دور النشر على “تجنب نشر الشعر عبر تسويغ هذه الإشاعة أو الإسهام في ترسيخها بالعزوف عن نشر الشعر”.
وتتابع “يتعين الوعي بخطورة هذه الشائعة وبخطورة تحوّلها إلى بداهة، إذ تقتضي مسؤوليةُ الحرص على تجذّر الشعر والثقافة الشعرية في الوجود الإنساني ومسؤوليةُ الارتقاء بصورة الشاعر المغربي المعاصر، والعملَ على دحض هذه الشائعة، وعلى مقاومة كل ما يعملُ على طمس الحضور الشعري في الحياة وفي العلاقات وفي الوعي باللغة”.
هذه المقاومة تتعدد سبلها، وفي مقدمتها، وفق الورقة، “إدماج الشعر المغربي المعاصر في المقررات الدراسية اعتمادا على خلفية ثقافية واضحة، وإيلاءُ الجامعة درس الشعر المغربي المعاصر الأهمية المعرفية التي يستحقها، وانخراط وزارة الثقافة في الارتقاء بصورة الشاعر المغربي المعاصر عبر إيلائه مكانة رفيعة في برامجها، وعبر نشر أعمال الشعراء المغاربة المعاصرين، بالنَّفَس الذي ميّزَ، في لحظة من تاريخ الوزارة، تجربة “المجموعة الشعرية الأولى” وتجربة “الأعمال الكاملة”، والعمل على إغناء التجربتين بمقترحات جديدة تقوي سُبُلَ الارتقاء بصورة الشاعر المغربي المعاصر”.
مراد القادري، رئيس “بيت الشعر في المغرب”، قال إن الورقة الثقافية الخاصة بصورة الشاعر المغربي نوقشت في مؤتمر “البيت”، وتهدف إلى “طرح نقاش عام بين الأعضاء في أفق صياغة وثيقة جديدة لـ”بيت الشعر في المغرب” حول مكانة ووضعية الشاعر المغربي اليوم في المشهد الثقافي عامة، ووضع الشعر المغربي والمعرفة الشعرية على وجه الخصوص.”
وأضاف القادري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، “جاءت هذه الورقة، التي اقترحتها الهيئة التنفيذية على المؤتمر، من ملاحظة أن صورة الشاعر المغربي ليست على ما يرام، وليست في صحة جيدة”.
وتابع رئيس “بيت الشعر” شارحا “يوجد نوع من التطاول على صورة الشاعر، واستخفاف بدوره ومكانته في المجتمع، وربما حتى بدور الشعر في الحياة”؛ لهذا صيغت هذه الورقة التي “ترصد هذه الصورة، وتشخّصها بما يكفي من التحليل والدقة، وتطرح مجموعة من المبادرات لإعادة الاعتبار للشاعر المغربي ولصورته ودوره الحيوي والدينامي في المجتمع كمبدع يصون اللغة، ويفجّر ما فيها من الجمال، بما يبعث على الدهشة والتساؤل والحلم”.
ورصد القادري ما أسماه “التطاول على الشعر”، قائلا إن الشعر يوجد “على حافة الإلغاء؛ فعدد من دور النشر ترفض نشره، وحتى عدد من مبادرات وزارة الثقافة في السابق، مثل “الأعمال الشعرية الكاملة” و”الديوان الشعري الأول”، غابت واحتجبت”.
هنا تبرز ضرورة النقاش حول “كيفية النهوض بالشعر المغربي، وتعزيز حضوره في المشهد العام، وفي المؤسسات الجامعية، وفي مراكز البحث والدراسة والمؤسسات التعليمية، مع التشديد على أن ينال الشعر المغربي حظه من المقررات الدراسية”.
وحول التوصيات الصادرة عن المؤتمر، ذكر القادري أن أهمها توسيع الشراكات مع المؤسسات الأكاديمية والتعليمية والتربوية والإعلامية، ومع دور النشر لحثها أكثر على تشجيع الشعر ونشره وتبنيه.
وتابع قائلا: “حضرَت بالجمع العام العادي أصوات دعت إلى إعادة جائزة الديوان الشعري الأول، المتوقفة لأسباب مادية”. كما تحدث عن دعوات إلى “ضرورة عقد المهرجان العالمي للشعر (…) ومواصلة عمل “مجلة البيت”، وتخصيص أعداد مكرسة لشعرائنا المغاربة تعريفا بهم، واستمرار دوراتنا الأكاديمية التي لها بعد علمي ومعرفي وأكاديمي، وإيجاد صلة التواشج بين الشعر وباقي الفنون الأخرى، وخاصة الفن التشكيلي”.
كما ثمن المؤتمر “الشراكات مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير التي تمنح بموجبها جائزة الأركانة العالمية للشعر”، التي هي “جائزة للصداقة، والمحبة، وجائزة تجعل شعرنا المغربي في ندية مع باقي الشعريات الأخرى”.
المؤتمر الذي اقترح استمرار مراد القادري على رأس “بيت الشعر” في السنوات الأربع المقبلة، ثمن رئيسه “نشاطه الإيجابي والمثمر الذي لم يخل من صراحة في النقاش، تثمينا ووضعا لليد على عدد من الأعطاب والنقائص والمؤاخذات المتعيِّن تجاوزها في المرحلة المقبلة من عمل مؤسسة “بيت الشعر”، التي تظل دائما فضاء للحوار ومكانا للاختلاف وتعزيز علاقتنا بالشعر، وتكريس صورة إيجابية للشعر المغربي وللشاعر المغربي”.