رغم الانطلاق الرسمي للموسم الدراسي الحالي منذ الخامس من شتنبر الجاري، إلا أن الخصاص ما زال يطال بعض الكتب والمقررات المدرسية في مكتبات عديدة على امتداد مناطق المغرب، دافعا الآباء والأمهات وأولياء التلاميذ بشكل اضطراري إلى التنقل بين أكثر من مكتبة ونقطة بيع في المدينة ذاتها بحثا عن كتاب مدرسي معين.
وعاينت هسبريس، في جولة لها حول بعض مكتبات العاصمة الرباط، “تذمرا” وسط أولياء التلاميذ، ليس فقط نتيجة غلاء بعض المستلزمات والأدوات المدرسية وكتب التعليم الخاص، بل أيضا جراء النقص والتأخر الحاصل في تزويد المكتبات ونقاط البيع المعتمدة ببعض العناوين والمقررات العمومية منها والخاصة على السواء، لاسيما تلك المتعلقة بمستويات إشهادية أو المستوى الابتدائي.
هذا النقاش حول الخصاص والنقص في المناهج والمقررات الدراسية، “المتجدد” بشكل دوري عند كل بداية دخول مدرسي، أصبح “شبه مألوف” لدى العديد من الكتبيين بالمغرب، إلا أن معظمهم في معرض حديثهم لهسبريس أكدوا أن “هذا الموسم يظل أفضل من سابقيه، بالنظر إلى إكراهات عديدة وتحديات متنوعة” زادها غلاء أسعار الورق عالميا كمادة أولية صعوبة وتعقيدا.
“مشكل لوجيستيكي بالأساس”
تفاعلا مع الموضوع، تواصلت هسبريس مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، التي أوضحت، على لسان مصدر مطلع، أن “آخر الإحصائيات الواردة من الناشرين تفيد بإتمام طباعة ما يفوق 20 مليون نسخة، إلى حدود الأسبوع الماضي، إلا أن هناك تفاصيل في الموضوع تتطلب وضعها في سياقها الصحيح”.
وأكد المصدر ذاته أن “حوالي 5 ملايين أسرة مغربية-أي ما يفوق 7 ملايين تلميذ(ة)-تتجه إلى المكتبات ونقط البيع بشكل متزامن في فترة قصيرة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة، ما خلق نوعا من الضغط فيما يخص توزيع الكتب وطلبها في الوقت نفسه”، لافتا أن “المشكل يظل لوجيستكيا بالأساس، بالنظر إلى إشكالات تخص توقيت وصول السلعة، وكذا توفر أماكن تخزينها”.
متابعة وتنسيق
“نتفهم ما تمر به الأسر وما يتسبب فيه عدم توفر بعض المقررات في بعض المكتبات خلال ظرفية معينة”؛ يردف المصدر الوزاري ذاته، قبل أن يستدرك بأن “التنسيق قائم طيلة هذه المدة بين السلطات الترابية والوزارة والناشرين، وهو ما سيمكن من تزويد جميع المكتبات بالنسخ اللازمة خلال هذا الأسبوع” (أي نهاية شهر شتنبر على أبعد تقدير).
وأوضح أنه “كلما توصلت الوزارة بإفادة من المصالح الاقتصادية بالعمالات والأقاليم تتعلق بنقص في أعداد كتاب معين، يتم ربط الاتصال مباشرة بالناشر لتوفير الكتاب في ظرف 48 ساعة على الأكثر كما تنص على ذلك دفاتر التحملات”.
وفي معرض إفادته لهسبريس، أشار المتحدث ذاته إلى نقطة اعتبرها مهمة جدا، تتعلق بكون “الناشرين لا يتعاملون مع جميع المكتبات ونقط البيع المتوفرة، غير أنهم تعهدوا بضمان تزويد السوق بشكل كامل وتغطية الطلبات كلها”.
وخلصت الوزارة الوصية، في جوابها، إلى أنه “بمجرد ما ستنتهي فترة التقويم التشخيصي التي تسبق بداية الدروس في يوم 24 شتنبر الجاري، فإن الكتب ستكون متوفرة بالقدر الكافي في كل مكتبات المملكة”.
وجهة نظر الناشرين
الناشرون لهم أيضا رأي في الموضوع، جاء على لسان رئيس “الجمعية المغربية للناشرين”، أحمد الفيلالي الأنصاري، مفاده أن “90 في المائة من الكتب متوفرة منذ بداية هذا الشهر بالمكتبات المغربية”، مُقرّاً في حديث مع هسبريس بأن “عناوين عدة ما تزال قيد الطبع، إلا أنها ستكون متوفرة بحلول نهاية هذا الأسبوع على أبعد تقدير”.
وعزا رئيس الجمعية المغربية للناشرين وجود مشاكل في تزويد بعض نقط بيع الكتب في مختلف المدن المغربية، إلى ما وصفها بـ”سنة استثنائية عاشها الناشرون والكتبيون على السواء، خاصة بعدما ارتفعت أسعار الورق إلى مستوى قياسي وصلت نسبة 120 في المائة”، لافتا إلى أن “هذا العام يظل أفضل من سابقيه”.
وأكد الفيلالي الأنصاري، في معرض توضيحاته لهسبريس، أن الناشرين يتحدثون من منطلق “يخص فقط المقررات الرسمية المصادق عليها في التعليم العمومي”، موضحا أن التنسيق والنقاش مع مديرية المناهج بالوزارة الوصية وبقية القطاعات الممثلة في اللجنة المشتركة، “ظل مستمرا طيلة الصيف، قصد ضمان توزيع الكتب الدراسية بالقدر الكافي وفي الوقت المحدد”.
وأشار المسؤول الأول في جمعية الناشرين المغاربة إلى أن “طباعة المقررات والكتب المدرسية قد تمت، في جزء كبير منها، داخل المغرب، عكس أعوام سابقة، وهو ما يساهم في تسريع عملية تزويد المكتبات والتوزيع بشكل عام”، معتبرا أن “التأخير الحاصل في طباعة بعضها (حتى نهاية غشت الماضي) يعود إلى تأخر المصادقة الرسمية عليها، وكذا نظرا لتريّث الناشرين وانتظارهم للدعم الحكومي هذه السنة”.
“ضجة مضخَّمة”
من جهته، سار رشيد هوسي، أمين مال جمعية الكتبيين المستقلين بالمغرب، في اتجاه “طمأنة الآباء وأولياء التلاميذ بخصوص توافر الكتب المدرسية التي طالها نقص في التزويد بدءا من يوم غد وبحلول نهاية هذا الأسبوع”.
هوسي الذي يعمل مسؤولا تجاريا بإحدى مكتبات الرباط، شدد في تصريح لهسبريس على كون “النقاش عرف تضخيما وضجة كبيرة هذا الموسم، بينما اعتاد الكتبيون في مختلف أنحاء المملكة، عند بداية كل موسم دراسي، على نقص بعض المقررات والمناهج الدراسية الوزارية التي يتأخر إما توزيعها أو طبعها”.
ورغم “التأخر الحاصل” في توزيع أو طبع بعض المقررات الوزارية، جدد المهني ذاته طمأنة جميع المواطنين وآباء التلاميذ بكون باقي الكتب ستكون متوافرة قريبا، مسجلا أن الكتبيين دوما ما يكونون “الحلقة الأضعف في إطار منظومة النشر والكتاب”.