افتُتِح، اليوم الاثنين، اجتماع رفيع المستوى لوزراء مالية دول أعضاء في الاتحاد الإفريقي، بالعاصمة الرباط، بحضور 15 دولة، والملتئمين في إطار لجنة تُعرف باسم “F15”. وتضم اللجنة في عضويتها وزراء مالية دول المغرب والجزائر وجنوب إفريقيا وبوتسوانا والكاميرون والكونغو وساحل العاج ومصر وإثيوبيا وغانا وكينيا وناميبيا ونيجيريا ورواندا، فضلا عن تشاد.
هذا اللقاء السنوي، الذي يستمر طيلة يومي 13 و14 يونيو الجاري، يجمع وزراء مالية الاتحاد الإفريقي الخمسة عشر، ويُعقد لأول مرة في المملكة المغربية، ملتئما في سياق دولي جيوسياسي مضطرب؛ وهو ما يعكِسُه عنوانه الموسوم بـ”ما وراء جائحة كوفيد-19 والصراع الروسي الأوكراني.. تقوية مرونة الاقتصاديات الإفريقية وضمان الاستدامة المالية للاتحاد الإفريقي”، في حين يُرتقب أن يخرج بـ”مشروع مذكرة مفاهيمية”.
نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، رحبت، في كلمة افتتاحية، باختيار المملكة المغربية لاستضافة هذا اللقاء الوزاري رفيع المستوى للجنة “F15″، وهو الأول منذ أكثر من عامين. كما أنه “اعتراف مُرحب به للغاية بجهود المملكة والتزامها تجاه الاتحاد الإفريقي في العُشَرية الأخيرة”.
ويعكس هذا الاختيار، أضافت فتاح العلوي، أيضا، “الثقة التي وضعها شركاؤنا الأفارقة في المملكة المغربية، التي جعلت دائما من التعاون فيما بين بلدان الجنوب مع البلدان الإفريقية الأخرى خيارا إستراتيجيا، تحت قيادة الملك محمد السادس”؛ وهو اختيار قائم على “رؤية عالمية ومتوازنة للتنمية في قارتنا”، حسب الوزيرة.
وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، في معرض حديثها، أن المغرب يعمل على “وضع موقعه الجغرافي المتميز في خدمة تنمية القارة الإفريقية”، باعتباره “مركزا اقتصاديا وماليا إقليميا وصلة وصل بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط”؛ موردة في هذا الصدد دور “القطب المالي للدار البيضاء ” (CFC)، الذي “يساعد بشكل متزايد على توجيه رؤوس الأموال الدولية نحو المشاريع الاستثمارية في إفريقيا، مدعوما بالجاذبية الخاصة لـ”القارة السمراء” ودينامية نموها.
ولتحقيق هذه الرؤية، عززت المملكة المغربية بشكل كبير علاقات التعاون الثنائي مع البلدان الإفريقية الأخرى على مدى العقدين الماضيين، في الوقت الذي عملت فيه على “تطوير شراكات جديدة مُربحة للجميع”، أردفت فتاح العلوي قبل أن تُعدد إنجازات المملكة في دفع عجلة الاستثمار بالقارة من خلال كونها أول مستثمر في منطقة غرب إفريقيا.
وأمام نظرائها الأفارقة، لم تفوت وزيرة الاقتصاد والمالية فرصة التنبيه إلى الأزمات المتتالية التي تعتمِل حاليا في العالم وليست إفريقيا بمنأى عن تداعياتها المباشرة وغير المباشرة، مشيرة إلى كونها إذا لم تُواجَه بتعاون بين دول القارة فإنها تهدد بتعميق الفوارق الاجتماعية القائمة وتكريس الفقر وغياب الأمن الغذائي لسكان إفريقيا”.
من جهتها، صرحت الدكتورة مونيك نسانزباغوا، نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، لوسائل الإعلام، بأن وزراء المالية الأفارقة قد حضروا إلى الرباط “من أجل نقاش وتبادل خبرات وحلول تستديم المالية في دول الاتحاد”، باحثينَ عن “كيفية الإدماج الاقتصادي المتكامل وتطبيق أجندة التنمية في القارة بما يتلاءم والإصلاحات المالية والضريبية كخطوة أساسية نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، في إطار تنفيذ أجندة الاتحاد الإفريقي لعام 2063″؛ وهي في صميم الإصلاحات والتغيرات المؤسساتية الجارية داخل المنظمة، تمثل هذه الإصلاحات جهدا بتنسيق من الهيئات السياسية التابعة للاتحاد الإفريقي بهدف ضمان التمويل المستدام، المتوقع والمسؤول للاتحاد القاري.
ويُتوقع أن تستمر أشغال هذا الاجتماع الوزاري السنوي بالرباط طيلة اليوم الاثنين ويوم غد الثلاثاء، وسيناقش المشاركون فيه، على شكل جلسات مغلقة للنقاش، قضايا تتعلق بتشخيص “الاستدامة المالية للاتحاد الإفريقي وآفاقها”، و”الإستراتيجيات والاعتبارات السياسية من أجل انتعاش اقتصادي ومرونة مالية”، فضلا عن دراسة مدى تقدم نجاعة اشتغال لجنة الـF15 ، قبل الاعتماد والتصديق على مشروع النظام الداخلي للجنة المالية الوزارية للاتحاد ودراسة تقرير لجنة الخبراء التابعة لها؛ بينما سيتم اعتماد مشروع بلاغ ختامي والمصادقة على توصياته في ختام الأشغال.