قطعت مدينة كلميم، البوابة الأولى للصحراء المغربية، أشواطا مهمة في مسلسل التنمية مقارنة بالعديد من المدن التي تتقاسم معها الجهة نفسها، وإلى حدود اليوم مازالت تبذل مجهودات للسير قدما بعاصمة وادنون في سبيل نهوض تنموي في كافة القطاعات.
وصنفت كلميم منذ سنوات، إلى جانب مدينة العيون، من حواضر الصحراء المغربية التي كانت ومازالت وجهة تستقطب فئة عريضة من الباحثين عن الشغل والاستقرار قادمين إليها من مدن وجهات مختلفة.
وتأتي هذه الدينامية التي تعرفها كلميم في ظل مجهودات متواصلة تبذلها المجالس المنتخبة والسلطات والإقليمية قصد استكمال مسيرة التنمية ومحو السواد الذي يعتري بعض أحياء المدينة، خصوصا على مستوى البنية التحتية، باعتبارها اللبنة الأساس التي من شأنها توفير ظروف استقرار وعيش أفضل للمواطن.
حي “الفيلا” واحد من التجمعات السكنية الشعبية بكلميم، ولا يمكن الحديث عن تردي الخدمات دون ذكر ما يحتاج إليه هذا الحي من تضافر للجهود قصد تجاوز ما يعتريه من إكراهات دامت سنوات طويلة، خصوصا في الجانب المتعلق بضروريات العيش، وعلى رأسها الماء والكهرباء والصرف الصحي، التي تفتقر إليها فئة كبيرة من ساكنته.
وإذا كانت الساكنة المتضررة بحي “الفيلا” قد طالبت واحتجت وترافعت بشتى الطرق لنيل حقها في الماء والكهرباء، وهي مطالب قوبلت مرات ومرات بوعود تم تبرير عدم الوفاء بها بافتقار المنازل إلى وثائق التعمير، فإن “الفيلا” يفتقر أيضا إلى مجموعة من وسائل وظروف العيش، التي أضحت اليوم ضرورة ملحة لأي تجمع سكاني، وعلى رأسها المنشآت الرياضية والمركبات الثقافية والمناطق الخضراء، وغيرها من الفضاءات التي لم تر بعد طريقها إلى هذا الحي.
غياب فضاءات التكوين والترويح وتفجير المواهب بالفيلا هو أيضا من الحاجيات التي لا تقل درجة عن الكهرماء، وهي مطالب طفت على السطح من جديد بعد جريمة القتل التي اهتز على وقعها الحي قبل أسبوع، ونادى من خلالها العديد من الفاعلين الجمعويين بضرورة تمكين الحي من مؤسسات لمصاحبة شباب “الفيلا” فنيا وثقافيا ورياضيا، وإبعاده عن مستنقع المخدرات والجريمة ومختلف الآفات والظواهر الخارجة عن القانون.
عزيز طومزين، عضو فريق المعارضة بجماعة كلميم باسم تحالف فيدرالية اليسار، قال إن حي “الفيلا” عنوان لغياب الماء والكهرباء عن عشرات المنازل، وعنوان لهشاشة البنيات التحتية وتدني جودة النظافة، وعنوان لغياب المرافق الضرورية كالمساحات الخضراء والملاعب والفضاءات العامة، مما جعل جزءا من ساكنته يشعر بالظلم والحيف والإقصاء الاجتماعي من طرف المجالس المتعاقبة، وهو ما أثر اجتماعيا واقتصاديا على ساكنة الحي.
وأضاف طومزين، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الأمر يستدعي من المجلس الحالي لجماعة كلميم وأغلبيته وضع استراتيجيات واضحة لإيجاد حلول ناجعة لمشاكل هذا الحي وغيره، وضمان حق المواطنين في الاستفادة من المرافق العمومية، وتجويد الخدمات، والسهر على تسيير ملفات الشأن العام المحلي، والإبداع في الحلول بدل ما نسجله يوميا من ركون إلى حلول تقليدية وفي بعض الأحيان بدائية، والتدبير وفق منطق الأمر الواقع، والاستغراق في المشاريع الترقيعية على طريقة “العكر على الخنونة””.
وأوضح عضو المعارضة بجماعة كلميم أن “مشكل حي “الفيلا” هو غياب إرادة حقيقية ممزوج بغياب التجربة والكفاءة عند معظم من يسيرون بسبب الصراعات الداخلية والخلافات ومنطق تصفية الحسابات، مما يحول دون التنسيق الحقيقي والاجتهاد للبحث عن حلول ناجعة لمشاكل أحياء كلميم، ولعل انتشار برك المياه العادمة بحي الواحة أكبر مثال على ذلك”.
“لذلك بصفتي عضوا بالجماعة أطالب رئيسها بعدم فصل التعامل مع حي “الفيلا” عن جوانب التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ودمجه اقتصاديا في المدينة لأن الاستمرار في تكريس إقصائه له تبعات أمنية خطيرة، من إجرام وتطرف، وهنا لن تكون المقاربة الأمنية هي المسؤولة، بل غياب المقاربة الاجتماعية، التي هي من مسؤولية المجالس الجماعية”، يختم طومزين تصريحه لهسبريس.
وفي إطار المجهودات المبذولة لإخراج الحي من التهميش الذي لازمه سنوات، علمت هسبريس أن لقاء جمع، الأربعاء الماضي، رئيس جماعة كلميم وأعضاء المجلس ببعض ممثلي ساكنة الحي، قصد تدارس مختلف الإكراهات التي تعاني منها الساكنة، خاصة فيما يتعلق بالتزود بالماء الصالح للشرب والربط بشبكة الكهرباء، إضافة إلى الصرف الصحي. وقد تم التأكيد على استعداد المجلس الجماعي لتدارس هذه الإكراهات بغية إيجاد حلول ناجعة لها في إطار الضوابط القانونية الجاري بها العمل.
وفي السياق ذاته قال مصدر مسؤول، التمس عدم الكشف عن هويته، في تصريح لهسبريس، إن المشاكل التي يعيشها حي “الفيلا” توجد على طاولة المجالس المنتخبة والسلطات الولائية بجهة كلميم، مشيرا إلى أن عملا كبيرا يبذل في هذا الصدد، ومن المنتظر أن تحمل الأسابيع القليلة القادمة أولى بوادر الانفراج.