لأول مرة في تاريخ الجامعة المغربية، خصصت شعبة مستقلة لتدريس الأنثروبولوجيا في سلك الإجازة، من المرتقب أن تنطلق مع الدخول الجامعي الجديد.
هذه المبادرة التي أطلقتها جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، تقصد “تمكين الطلبة من اكتساب معارف أنثروبولوجية، والتحكم في أسسها النظرية ومدارسها وتياراتها، وإتقان تقنياتها الميدانية”، و”حث الطلبة على تجاوز المعنى الضيق للاجتماعي والانفتاح على الجوانب المختلفة للحياة الاجتماعية، سواء منها الاقتصادية أو الدينية أو السياسية أو الثقافية أو التربوية”، كما تروم “تمكين الطلبة من اكتساب القدرة على تطبيق المعرفة الأنثروبولوجية في دراسة قضايا المجتمع والمساهمة في ابتكار حلول لمشاكله”.
وذكر الإعلان عن المسلك الجديد أن تدريس الأنثروبولوجيا بالمغرب قد “ظل مقتصرا على بعض المواد المتفرقة في بعض الكليات. غير أن وعي كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالقنيطرة بأهمية المعرفة الأنثروبولوجية، شكل باعثا لتأسيس شعبة للأنثروبولوجيا إسوة بباقي الشُّعب، لتنال على غرار العلوم والمعارف الأخرى حقها في التدريس”.
وتابع الإعلان: “لعل من فضائل هذا القرار تنويع العرض التربوي والبيداغوجي بالجامعة المغربية، وتمكين الطلبة من اختيارات متنوعة في مجالي العلوم الإنسانية والاجتماعية، فضلا عن الاستجابة لحاجات المجتمع معرفيا ومهنيا، بل وتعزيز موقع المغرب ثقافيا والارتقاء بمكانته أكاديميا”.
عبد الله هرهار، المنسق البيداغوجي لشعبة الأنثروبولوجيا بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالقنيطرة، قال إن فكرة إنشاء مسلك خاص بهذا العلم قد نضجت عند جامعة بن طفيل، وكلية العلوم الإنسانية بالخصوص.
وأضاف الأستاذ الجامعي ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه “منذ سنتين في القنيطرة، لم يعد ما كان يعرف بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بل تأسست كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، وكلية اللغات والآداب والفنون. وتضم حاليا كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس والتاريخ والجغرافيا والدراسات الإسلامية، وفكرت جامعة ابن طفيل في استكمال هذه المسالك، وهنا جاءت فكرة الأنثروبولوجيا، التي كانت مادة تدرّس في هذه الكلية أو تلك، كلية الآداب أو العلوم السياسية، بشكل محتشم وغير واضح”.
وتابع المصرح قائلا: “الآن، آن الأوان على غرار الجامعات والكليات الأخرى في العالم أن تفتح شعبة للأنثروبولوجيا كباقي الشعب الأخرى، مستقلة بذاتها، وتشتغل بالتقاطع مع المسالك والتكوينات الأخرى في الجامعة”.
وواصل هرهار بأن “هذا التكوين مبني على الفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس، وهو ما تمّ إرساؤه بالعودة إلى تجارب في التدريس، من بينها التجربة الفرنسية مع كلود ليفي ستروس أو غودليي، أو غيرهما، فكلهم كان تكوينهم الأول في الفلسفة؛ لذا عندنا هذا الأساس الفلسفي في التكوين لأنه يعطينا القاعدة التي نستند إليها”.
كما انفتحت الجامعة في تأسيس هذه الشعبة على “التجارب الدولية الأمريكية الكندية”، لكن بـ”تبيئة مغربية”.
وفسر منسق الشعبة منطلق تأسيسها بإرادة “أن تكون لنا بالمغرب مثل البلدان الأخرى شعبة للأنثروبولوجيا؛ فنحن في حاجة إليها لتوسيع تكوين الطلبة وإعطائهم آفاقا في هذا التخصص بشكل متكامل مع التخصصات الأخرى”.