مرت سنة على انتخاب المجلس الجماعي للدار البيضاء، وسط تطلعات بأن يُخرج المنتخبون الجدد هذه المدينة من دوامة المشاكل التي تتخبط فيها، وإنهاء حالة الفوضى والتسيب التي تعرفها في مختلف المجالات.
ومع بلوغ ثامن شتنبر 2022، يكون المجلس الحالي قضى سنته الأولى من ولايته الانتدابية، باعتبار مستهل الفترة الانتدابية لا تشكيل الهياكل، ليعود السؤال عما تحقق ولم يتحقق من وعود تقدم بها أمام البيضاويين في انتخابات شتنبر 2021.
إرث الأغلبية
خلال الاستحقاقات الانتخابية الماضية، كانت الشعارات كبيرة، والوعود عديدة، جعلت البيضاويين يعتقدون أن عصا سحرية سيحول بها المرشحون المدينة إلى قطب مالي يفوق انتظاراتهم.
وأمام ارتفاع سقف الانتظارات، ومساعي ساكنة المدينة المليونية إلى تحقيق نهضة كبرى بالدار البيضاء، فإن مدبري الشأن العام يؤكدون أن الإرث ثقيل، وأن مشاريع كبرى عالقة.
في هذا الصدد، يؤكد مولاي أحمد أفيلال، نائب عمدة الدار البيضاء، أن “المجلس ورث ملفات ثقيلة ومشاكل عديدة، لكن معظمها تم حله خلال هذه السنة”.
ودافع نائب العمدة المنتمي إلى حزب الاستقلال عن حصيلة الأغلبية المسيرة، إذ قال: “المشاريع الكبرى تسير بشكل جيد، إذ تم تحريكها بعدما تعثرت بشكل واضح”، مستدلا على ذلك بحل ملف مطرح النفايات خلال هذه الولاية الانتدابية “رغم تعاقب المجالس وفشلها في حل هذه النقطة السوداء بالنسبة للبيضاويين”.
وزاد المسؤول الجماعي أن “مشكل النظافة الذي كان يؤرق البيضاويين خلال السنوات الماضية يتم الاشتغال عليه حاليا، كما أن المجلس يشتغل ويدرس أزمة النفايات الهامدة، عبر البحث عن ميزانية لها من خارج ميزانية الجماعة”، وفق تعبيره.
ولفت عضو حزب الاستقلال إلى أن “ملفات عدة تم حالها في فترة وجيزة، ما يفيد بأننا نسير على قدم وساق، مع أن هناك تطلعات تم تسطيرها ورفعها إلى عمدة الدار البيضاء للاشتغال عليها في الفترة المقبلة”.
كريم كلايبي، المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، أحد مكونات الأغلبية، أوضح أن المجلس الجماعي “لا يمكن مساءلته ومحاسبته من خلال السنة الأولى لانتدابه، على اعتبار أن هذه الفترة تكون مرحلة التعرف على الملفات ودراستها وتسطير برنامج للاشتغال عليها”.
ولفت كلايبي، الذي يشغل رئيسا لفريق مستشاري الحزب بالنيابة، ضمن تصريحه للجريدة، إلى أن “مجموعة من الملفات تم تدارسها، ومشاريع تم الوقوف عليها من أجل تسريع خروجها، رغم كون أخرى مازالت عالقة وتتطلب تكثيف الجهود من أجل إخراجها ليستفيد منها البيضاويون”.
وأكد نائب رئيس مقاطعة عين السبع أن الجماعة “بصدد إعداد برنامج عمل، كما تشتغل على إخراج المشاريع المتعثرة، إذ سيتم مباشرة بعد دورة أكتوبر تسطير هذه المشاريع الكبرى التي ستعرفها المدينة في البرنامج”.
رؤية المعارضة
إذا كانت الأغلبية ترى أنها استطاعت تحقيق بعض الإنجازات، وأن هذه السنة لم تكن بيضاء، فإن المعارضة ترى عكس ذلك.
ويعتبر في هذا الصدد عبد الله ابعقيل، المنتمي إلى فريق الاشتراكي الموحد، أن “الأغلبية ليس لها برنامج وبدون رؤية، ولا تعرف أين تريد الذهاب بالدار البيضاء”.
وسجل المتحدث نفسه أن “ما يتم الحديث عن تحقيقه خلال هذه السنة كان معدا قبل الانتخابات، وهي مشاريع كانت تنتظر أغلبية جديدة حتى لا تحسب على الطرف السابق”، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية الذي كان يسير المجلس السابق.
وقال المستشار الجماعي ضمن تصريحه: “نحن لا نضع نظارات سوداء، ولا نقول إنه لا شيء موجود ولا شيء يتحقق، لكن الأمور تبقى محدودة، ولا وجود لمشاريع مستقبلية، لغياب برنامج للأغلبية”.
بدوره، أكد مصطفى منضور، عن حزب التقدم والاشتراكية، أن “السنة الأولى يظهر من خلالها أن المجلس لا يتوفر على رؤية واضحة أو أي أهداف مسطرة، وإنما تدبير يومي روتيني”.
وأشار المستشار الجماعي ذاته، ضمن تصريحه، إلى أن “المجلس اقتصر على اجتماعات لجان ودورات عادية، أما الاشتغال على الملفات فهو غير موجود”.
وأوضح المتحدث نفسه أن “الملاحظ أن المجلس الجماعي لا يتوفر على إستراتيجية واضحة، ولا يقوم بمواكبة الملفات مع شركات التنمية”، مضيفا أن “برنامج عمل الجماعة الذي سيحدد الأهداف والتصورات لم يتم وضعه بعد”.
ويبقى مجلس الدار البيضاء، بعد مرور سنة من تدبيره الشأن المحلي، محاصرا بتطلعات المواطنات والمواطنين، وطموحهم إلى مدينة ذكية كما يتم الترويج له، بدلا من مدينة تعمها الفوضى والازدحام وتتحكم لوبيات في مصيرها ومصير ساكنتها.