إنشاء هيئة تحكيم خاصة بتدبير الماء، وضرورة توحيد القطاعات المعنية بتعبئة واستغلال هذه المادة الحيوية، بالإضافة إلى الحاجة المستعجلة لتحيين المعطيات التي تبنى عليها المخططات والبرامج الوطنية الخاصة بقطاع الماء.. هذه أهم الخلاصات التي ناقشها النواب البرلمانيون في آخر اجتماع للجنة الموضوعاتية حول السياسة المائية.
وبحسب ما أكده عدي الشجيري البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية وعضو اللجنة، فإن النقاش الذي أثير حول أهمية هيئة التحكيم يجد مسوغاته في ضياع الموارد المائية بين انتقالها من الهيئة المكلفة بالتخطيط والتعبئة إلى الهيئة المستغلة وباقي القطاعات، في ظل غياب من يقوم بدور التحكيم لضمان الاستغلال الرشيد.
وأضاف المتحدث ذاته “إذا لم نستطع توحيد جهاز واحد لتدبير الموارد المائية من حيث التعبئة والاستغلال والاستعمال، فلا بد من هيئة للتحكيم كخطوة أولى نحو التدبير الرشيد”.
من جهة أخرى، نبه أعضاء اللجنة، في الاجتماع الذي حضره مسؤولون بوزارة التجهيز والماء ومدراء المصالح المركزية التابعة للقطاع، إلى ضرورة تحيين المعطيات والأرقام التي على أساسها تبني الحكومة البرامج والمخططات الوطنية للماء، إذ ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار المعطيات الجديدة المرتبطة بكمية التساقطات المطرية التي تقلصت بشكل كبير نظرا للتغيرات المناخية والجفاف.
وفي هذا السياق قال الشجيري إن “أرقاما كـ 16 مليار متر مكعب فيما يخص المياه السطحية، و5 مليارات فيما يهم المياه الجوفية التي كانت تسجل منذ فترة السبعينيات، لم تعد متوفرة في مغرب اليوم، لذلك ينبغي عدم التناقض بين ما نصرح به حول وجود جفاف هيكلي وما نقوم به من ممارسات تبنى على المعطيات السابقة”.
وأكد النواب أن المغرب بحاجة إلى تغيير تعبئة الموارد المائية واللجوء إلى موارد بديلة كتحلية مياه البحر ومعالجة المياه المستعملة، مضيفين أنه قبل اللجوء إلى بناء منشآت جديدة ينبغي ثمين المنشآت الحالية.
وقال الشجيري، في تصريح لهسبريس، إن التوصيات والخلاصات التي ستنتج عن أشغال اللجنة لا ينبغي أن تتوقف عند التشخيص كما جرت العادة، مؤكدا أن حالة البلاد تحتاج إلى قرارات شجاعة، وإلى رصد الإمكانيات وتوفير الآليات لتفعيل قانون الماء، الذي يعد من أحسن القوانين في العالم، وينص على وجود شرطة المياه، التي اصطدم تفعيل أدوارها بغياب الموارد المالية والبشرية.
ونبه النواب إلى ضرورة القطع مع الممارسات المستنزفة للموارد المائية. وقال الشجري: “يتم حفر آلاف الآبار غير المرخصة لها ليلا بمنطق سد عينك”. كما شدد على أهمية فتح نقاش حول المزروعات ذات الأولوية في ظل هذه الأزمة، “فلا يعقل الاستمرار في زرع البطيخ في الوقت الذي تموت واحات النخيل في عدد من المناطق”.