بتحالف جود السماء والسياقات الدولية الصعبة، يمر المغرب من موسم فلاحي شاق على مستوى الحبوب، التي يتجدد النقاش حولها بعد أن وقعت على انخفاض يصل إلى 67 في المائة مقارنة مع الموسم الفلاحي السابق الذي سجل أداء ناهز 103 ملايين قنطار.
ويفتح الوضع الاستثنائي الراهن قراءات عديدة للبحث عن أساليب اشتغال بديلة؛ أبرزها الزرع المباشر الذي يراهن من خلاله المغرب على رفع إنتاج الحبوب بنسبة 20 في المائة، وهي خطوة تدعمها وزارة الفلاحة وكذلك المكتب الشريف للفوسفاط.
لكن هذا الأمر يصطدم بضيق المساحات المزروعة، حيث لم تتجاوز حوالي 3.6 ملايين هكتار في الموسم الفلاحي الحالي مقابل 4.35 مليون هكتار في الموسم السابق. كما يأتي الإنتاج غير متوازن، حيث إن 58 في المائة من المخزون المتوفر تنتجه جهتان فقط (الرباط سلا القنيطرة – فاس مكناس).
وبالإضافة إلى ذلك، أقر محمد صديقي، وزير الفلاحة، باستحالة تحقيق الاكتفاء الذاتي في الحبوب، بسبب معطى المساحة مع فتح باب الاختيار أمام الفلاحين لزراعة ما يرونه صالحا؛ لكن أغلبهم يتجه نحو منتوجات أكثر جلبا للدخل المالي مقارنة بالحبوب.
إدريس الفينا، خبير اقتصادي ورئيس المركز المستقل للتحليلات الإستراتيجية، قال إن خطبا ملكية عديدة كانت قد تحدثت عن ضرورة تحقيق الاستقلالية والسيادة في موضوع الحبوب، منتقدا الاستمرار في الاعتماد على أسواق غير مضمونة وتأثير الأمر على ميزان الأداءات والأسعار وتوليده احتقانا اجتماعيا.
وأضاف الفينا، في تصريح لهسبريس، أن التركيز على الحبوب أمر ضروري، مشيرا إلى أن مصر على سبيل المثال استثمرت في الأزمة الروسية والأوكرانية الحالية من أجل استدراك النقص الحاصل، وزاد: “في المغرب لم نسمع بأي تقدم في هذا الباب”.
وأكد المتحدث نفسه أن المغرب يتوفر على الأراضي والتكنولوجيا كذلك لحل المشكلة، معتبرا أن العديد من الأراضي غير مستعملة؛ فمثلا 50 في المائة من الأراضي الصالحة للاستعمال في جهة بني ملال خنيفرة لا يتم استغلالها.
وأورد الفينا أن ما ينقص حقيقة هي الإرادة، شارحا أن 30 ألف كيلومتر مربع من الأراضي في إقليم طاطا لا تستغل ويمكن ربطها بتحلية مياه البحر والاستثمار فيها من أجل زراعة الحبوب، مطالبا بهندسة فلاحية حقيقية والتخلي عن اعتبار القمح رخيصا في السوق الدولية وبالتالي الاكتفاء بالاستيراد.