تسابقت الأحزاب وبعض المؤسسات المغربية المعنية مباشرة بخطاب الملك محمد السادس في ذكرى ثورة الملك والشعب لتعبر عن تفاعلها المريب والغريب مع خطاب هذه الذكرى، عن طريق الترحيب والتنويه والتثمين والإشادة، وكأنها تتحاشى القول أنها مسؤولة عن الحصيلة وواقع الحال، وأنها معنية بالانتقادات والتساؤلات التي طرحها ملك البلاد بصراحة في خطابه.
ولعل ما يدعو الى الاستغراب في البلاغات الصادرة خاصة عن أحزاب الاغلبية الحكومية، انها كلها تمحورت حول الإشادة والتنويه بمضامين الخطاب الملكي، وتثمين التوجيهات الواردة فيه، وهذا يدعونا الى طرح عدة أسئلة واضحة وصريحة:
هل تملك هذه الأحزاب موقفا آخر غير الإشادة والتنويه بمضامين الخطاب الملكي؟
وهل تملك كامل الشجاعة لكي تشير في بلاغاتها إلى أنها تتحمل مسؤولية هذه النتائج وهذه الأوضاع التي انتقدها الملك، وأمر بتغييرها بسرعة، ومنها على الخصوص تعقيد المساطر الإدارية، وتخويف المستثمر المغربي من الدخول في أي مغامرة بسبب ما يمكن أن يعترض طريقه من ابتزاز وأهوال؟.
هل تستخف هذه الأحزاب بمضامين التوجيهات الملكية، حينما تخرج ببلاغات للتصفيق والإشادة، كلما عبر الملك عن استيائه وعدم رضاه بالأوضاع المزرية للمواطن، وبما يعترضه حينما يطلب ترخيصا أو خدمة إدارية؟.
أليس من أبشع وجوه النفاق السياسي أن تسارع أحزاب الاغلبية الحكومية لتقول للملك: نحن متفقون مع جلالتكم في كل ما ترونه، فالوضع معيب ويحتاج الى إصلاح…ثم تعود في السنة التي تليها لتقول نفس الكلام، علما ان الملك يخاطب شعبه أربع مرات في السنة على الأقل، وهو ما يعني أن الملك ألقى أكثر من تسعين خطابا منذ اعتلائه عرش أجداده، ولو انكبت الحكومة على التطبيق الجدي لربع التوجيهات الملكية فقط، لارتقى المغرب الى مصاف الدول المحسودة عن كفاءة وزرائها وجدية حكوماتها…
دعونا من كل هذه البلاغات التي تتم صياغتها في أقل من خمس دقائق، او لعلها تكرار لما جاء في بلاغات سابقة، واجترار لمشاعر النفاق والمديح والإطناب، وأداء واجب التفاعل والتهليل، فالملك ليس في حاجة إلى مديحكم وتهليلكم، ولكنه وشعبه في حاجة ماسة إلى جدكم وعملكم وتفانيكم.. هذه هي الحقيقة التي لم نعد نخجل لكي نبلغها الى احزاب التصفيق والتنميق، وإننا نستغرب والله ان لا تستحي الحكومة من واقع الحال.
ولكن، تعالو معنا لنعرج على إثنين من أكبر المسؤولين عن التراخي في معالجة أوضاع الجالية المغربية في الخارج، وهما على التوالي السيدان: إدريس اليزمي رئيس مجلس الجالية المغربية في الخارج، وعبد الله بوصوف، الأمين العام لهذا المجلس وهما معا معينان منذ 2007 …ياسلااام…نعم نعرج عليهما لنسائلهما بصدق: هل أنتما في كامل توازنكما حينما قفزتما فجأة من فراشي نومكما وترفكما وريعكما، لتقولان لجلالة الملك: اننا نثمن، وإننا نشيد، وإننا نمجد، وننوه بما قلتموه ياجلالة الملك حول الجالية المغربية؟ الم تستحييا معا من الملك الذي يقول أنكما لم تفعلا شيئا فتجيبانه بجرأة غريبة، أنكما تشيدان وتنوهان بما استنتجه….؟
هل كنتما في غفلة من أمريكما أثناء توجيه ملك البلاد لخطابه أم انكما تلعبان على حبال التمطيط والتمديد الى ان تحين لحظة الإعفاء من المهام …؟
فيا مسؤولي الثمن الأخير من هزيع كل ليلة ساهرة…اشربوا الألبان لكي تصحوا فلا يختلط عليكم الثمن بالتثمين.
ويا سادة يا كرام.. ان الملك تساءل بوضوح عما قدمناه لجاليتنا، وعن المساطر الإدارية التي تتعبهم، وعن التأطير التربوي والديني الذي يخصهم، وعن العراقيل والصعوبات التي تواجههم..
هل استوعبتم ام انكم عدتم إلى سابق عاداتكم مباشرة بعد انتهاء الخطاب الملكي؟ …
و أخيرا فسواء تعلق الأمر بأحزاب التصفيق والتنميق أو بمسؤولي آخر زمان …فإن الذي فهمناه من بلاغاتكم وتصريحاتكم الجريئة هو انكم تقولون لجلالة الملك: شكرا لكم يا ملك البلاد، “راكم عقتو بنا، ولكن هاذ شي اللي عطا الله”…وفي هذا فلا يجب أن يتنافس المتنافسون.