أعادت حالة “الطوارئ المائية” المعلنة من طرف الحكومة أدوار شرطة المياه إلى واجهة النقاش العمومي، في ظل التحديات المائية الكبرى المطروحة على المغرب بسبب التغير المناخي الذي فاقم من حدة الجفاف.
ويتوفر هذا الجهاز الإداري، الذي يفترض أن ينسق مع السلطة القضائية، على صلاحيات متعددة، تبتدئ بالمعاينة، فتحرير المحاضر، وتنتهي بتنفيذ العقوبات التي قد تصل إلى الغرامة والحبس في حق المخالفين.
لذلك، دعت فعاليات بيئية الحكومة إلى تفعيل مهام شرطة المياه في ما يتعلق بمحاربة الاستغلال غير القانوني للملك العام المائي، بغرض الحفاظ على هذه الثروة المائية المهددة بالاختفاء في السنوات القادمة.
وأوضحت الفعاليات عينها أن مهام شرطة المياه ينبغي ألا تقتصر على مراقبة الفضاءات المائية، بل أن تمتد كذلك إلى الضيعات الزراعية التي تستهلك كميات ضخمة من المياه بجنوب المغرب، وهو ما جعل الكثير من الواحات تتجه نحو الاندثار.
وظل هذا الجهاز الإداري محدود الصلاحيات بسبب الإكراهات المطروحة، سواء تعلق الأمر بقلة عدد أعوان الشرطة أو ضعف الميزانية المرصودة أو غياب استراتيجية عمل واضحة المعالم، ما ساهم في “عرقلة” مهامه الميدانية على مستوى معاينة المخالفات وتحرير المحاضر.
وفي هذا السياق، قال عبد الرحيم الكسيري، المنسق الوطني للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، إن “الأحواض المائية تعد من أكبر الإصلاحات التي عرفها المغرب في العقود الأخيرة، وعددها عشرة، حيث تسهر على تتبع المياه من المنبع إلى المصب”.
أضاف الكسيري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “يفترض تدبير المياه بطريقة جيدة بتلك الأحواض، من خلال دراسة الجودة والتوزيع بين الأنشطة الفلاحية، لكن تبين أن المراقبة التي تقوم بها الشرطة المائية للأحواض محدودة”.
واستطرد بأن “الأطر البشرية قليلة، والسلطة المخولة لهذا الجهاز الإداري محدودة، ما يتطلب التفكير في حلول أخرى لتفعيل مهام الشرطة المائية، من خلال التركيز على مراقبة الفرشة المائية الباطنية أكثر من السدود”.
وتابع بالشرح: “إلى حدود الساعة، لم تتعرف على عدد الآبار المستغلة، ما يستدعي ضرورة التنسيق مع وزارة الداخلية والدرك الملكي للوصول إلى المعلومات الدقيقة بخصوص مستغلي الملك المائي”.
وأورد المنسق الوطني للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة أن “أكثر من 90 بالمائة من الآبار المستغلة غير قانونية، ويفترض أن يتم إقفالها، بينما ينبغي وضع العدادات بالآبار القانونية، والتحقق من تأدية فواتير المياه”.
ولفت المتحدث إلى أن “الشرطة المائية يجب أن تكون مجرد فاعل من بين فاعلين مؤسساتيين آخرين، على اعتبار أن الماء يندرج ضمن الأمن القومي للدولة، لأنه المصدر الأساسي للعيش، والضامن الرئيسي للخدمات الاقتصادية والاجتماعية للدولة”.
ودعا المصدر عينه إلى “تطوير آليات المراقبة بكل المناطق، عبر ابتكار طرق جديدة على غرار تلك المستعملة في التصريح الضريبي، وذلك بإعداد منصة إلكترونية تتضمن كل المعلومات حول الآبار والعدادات والفواتير، مع تنفيذ العقوبات في حق المخالفين، ومواكبة المخطط بحملات توعوية مكثفة”.