طالب نواب برلمانيون الحكومة بالكشف عن الإجراءات والتدابير المتخذة لتفعيل الأحكام الدستورية ذات الصلة بتنزيل السياسة اللغوية، والأسباب الكامنة وراء التأخر في إخراج المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية بالرغم من صدور قانونه التنظيمي بالجريدة الرسمية باعتباره مؤسسة دستورية منوط بها المساهمة في بلورة السياسة اللغوية والثقافية الوطنية.
في هذا السياق، قال إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إن الحركة الشعبية تدافع عن مشروع مجتمعي بديل يقوم على مغرب المؤسسات والتعددية السياسية واللغوية والثقافية والعدالة المجالية والاجتماعية بين المدن والقرى ، مشروع مغرب الجهات في إطار وحدة الوطن والتراب بمقدساته وثوابته.
وأكد البرلماني، في تصريح لهسبريس، أن الملك محمدا السادس أعطى توجيهاته لإعطاء اللغة والثقافة الأمازيغية المكانة التي تستحقها في بناء الهوية الوطنية، مضيفا أن الحكومة مطالبة بتسريع الأوراش الإستراتيجية ذات الأولوية التي ينص عليها القانون التنظيمي 16-26 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في كل مجالات الحياة، وبلورة سياسة عمومية متكاملة لضمان الإدماج الإيجابي لهذا المكون الأصيل في الهوية المغربية بوحدتها المتنوعة.
وفي السياق نفسه تساءل الفريق الحركي، ضمن سؤال شفهي توصلت هسبريس بنسخة منه، حول أسباب التأخر في هيكلة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية بالرغم من صدور قانونه التنظيمي بالجريدة الرسمية باعتباره مؤسسة دستورية أنيطت بها مهمة المساهمة في بلورة السياسة اللغوية والثقافية الوطنية ومواكبة أوراش أجرأة المنظومة القانونية ذات الصلة.
وقال السنتيسي إن الحكومة التزمت بتخصيص 200 مليون درهم لترسيم الأمازيغية في القانون المالي لسنة 2022 في أفق مليار درهم سنة 2025، متسائلا: “أين وكيف سيتم صرفه؟ وأين بصمات الترسيم ونحن في منتصف السنة الماليةـ وكذا ما هو مآل النصوص التطبيقية المنصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق بمراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”.
ومن جانبه، أكد أحمد عصيد، باحث في الثقافة الأمازيغية وناشط حقوقي، أن الأسباب الكامنة وراء التأخر في إخراج المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية بالرغم من صدور قانونه التنظيمي بالجريدة الرسمية هي أولا مجيء ظروف ووقائع مفاجئة وغير منتظرة؛ منها على الخصوص “كوفيد 19″، ثم الحرب الحالية التي جلبت ارتفاعا مهولا في الأسعار، وهي وقائع جعلت موضوع المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية موضوعا ثانويا وغير مستعجل بالنسبة للحكومة.
أما السبب الثاني، قال عصيد في تصريح لهسبريس، فهو أن العديد من المؤسسات التي يفترض أن يضمها المجلس المذكور ما زالت غير موجودة على أرض الواقع؛ ومنها على الخصوص أكاديمية اللغة العربية التي ينص عليها ميثاق التربية والتكوين منذ 1998، ولم يتم إحداثها حتى الآن.. ويقال الشيء نفسه عن المؤسسات المتعلقة بالحسانية والعبرية، فالمؤسسة الوحيدة الموجودة والتي لها تراكم ورصيد هام هي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
ومن جانب آخر، ذكر بأن مرور أزيد من عشر سنوات على إقرار مؤسسات في الدستور دون إحداثها يعني أن إقرارها كان تسوية ظرفية فقط ولا يدخل ضمن إستراتيجية الدولة؛ وهو ما يفسر التماطل وهدر الزمن الذي يلاحظه الجميع.
أما بالنسبة إلى السياسة الحكومية في الشأن اللغوي، فقد أكد المتحدث أن هناك ارتباكا كبيرا وعدم وضوح في الاختيارات، مضيفا أن الدولة تعمل على التمكين للغات الأجنبية؛ لكنها في الوقت نفسه تتحدث عن برامج للنهوض باللغات الوطنية دون تفعيل ذلك على أرض الواقع.
وتابع المتحدث: “الأمازيغية مثلا لديها سند في الدستور كما أن لها قانونا تنظيميا خاصا بها وميزانية خاصة… وعلى الرغم من ذلك لا نجد لكل ذلك أثر في واقع المؤسسات، بل هناك تراجعات كبيرة، مما يجعل البعض يطرح السؤال عن مدى وجود إرادة سياسية فعلية لتنمية اللغتين الرسميتين، خاصة أن المجالات الحيوية مثل الاقتصاد والتكوين العلمي يتم تدبيرها باللغات الأجنبية، ولا يتم بذل أي جهد لتهيئة اللغتين الرسميتين وتأهيلهما للقيام بوظائف أكثر تطورا”.