حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في أحدث تقاريرها، من “نقص خدمات الحماية للاجئين والمهاجرين الذين يقومون برحلات محفوفة بالمخاطر”، متتبعة خريطة مساراتهم من دول الانطلاق بمنطقة الساحل والقرن الإفريقي إلى شمال إفريقيا، ومنها إلى الضفة الشمالية الأوروبية من المتوسط؛ بما يشمل “ضحايا الاتجار بالبشر الناجين”.
وتتبَّع التقرير ذاته، الذي اطلعت عليه جريدة هسبريس، مسارات وخارطة عبور المهاجرين واللاجئين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وصولاً إلى الساحل الأطلسي في اتجاه جزر الكناري، أو صوب الضفاف الشمالية للبحر المتوسط عبر دول عبور أو استقرار مؤقت، هي ليبيا والجزائر وتونس والمغرب؛ في حين يغطي اثنتي عشرة دولة في القارة الإفريقية.
التقرير المنشور عشية “اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين” (30 يوليوز) حدد خدمات الحماية المتاحة للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين يسافرون على طول هذه الطرق، معتبرا أن المغرب يشكل “بلد العبور أو الإقامة الرئيس للأشخاص في وضعية تنقل”.
وتظهر خريطة ومعطيات المنظمة الأممية لشؤون اللاجئين أن المهاجرين أو اللاجئين يتركزون بكثافة في مدن الرباط والدار البيضاء ومراكش، وكذلك طنجة وأصيلة وتطوان في الشمال؛ بينما ينتشرون، أيضا، بكل من فاس ومكناس ووجدة والناظور في شمال شرق ووسط المملكة، غير بعيد عن الحدود مع الجزائر.
“بينما يحاول الأشخاص المتنقلون الهجرةَ و/أو طلب اللجوء، يواجه البعض منهم أشكالا من الاستغلال والعنف الجسدي والاتجار”، يسجل التقرير، لافتاً في شقه الخاص بالمغرب إلى أن “معظم ضحايا هذه الانتهاكات هم من فئتيْ النساء والأطفال”.
ورغم أن المملكة تتوفر على ترسانة قانونية “صارمة” بشأن الاتجار بالبشر منذ 2016، إلا أن التقرير سجل استمرار وجود “ثغرات” في ما يتعلق بـ”تحديد الهوية والحصول على الرعاية والحلول المستدامة لضحايا الاتجار بالبشر”.
وعاد المصدر ذاته عامَيِن إلى الوراء (يوليوز 2020) للتذكير بسياق إصدار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، و”مركز الهجرة المختلط” (MMC)، تقريرا مشتركا يسلط الضوء على “مجموعة الانتهاكات التي يواجهها اللاجئون والمهاجرون أثناء سفرهم على طول الطرق عبر غرب وشرق إفريقيا إلى ليبيا ومصر”.
تقرير 2020 كان قد لفت إلى أن “اللاجئين والمهاجرين أفادوا بحدوث وفيات، وعنف على أساس النوع الاجتماعي، وحوادث اختطاف وعنف جسدي، بناء على بيانات المسح التي تم جمعها من قبل فريق مبادرة آلية مراقبة الهجرة المختلطة خلال عامَي 2018 و2019”. وفضلا عن الوفيات وأعمال العنف المبلّغ عنها في دول شمال إفريقيا، أشار اللاجئون والمهاجرون، أيضا، إلى “وقوع عدة حوادث عنف، بالإضافة إلى العديد من الوفيات على طول الطرق عبر منطقة الساحل والشرق والقرن الإفريقي”.
وقالت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين إن “المهاجرين يتعرضون لممارسات متكررة من الاعتداء الجنسي والعنف المبني على النوع، والاختطاف مقابل الفدية، فضلا عن العديد من أشكال الإساءة والتعذيب بدنياً ونفسيا”، لافتة إلى أن “بعض الضحايا تُركوا أمام مصيرهم ليموتوا في الصحراء”.
ويثير التقرير ذاته انتباه الفاعلين في مجال الهجرات واللاجئين إلى حجم “الثغرات الموجودة في خدمات الحماية المقدمة حاليا، لاسيما في قضايا السكن والوصول إلى العدالة وتحديد الناجين، وكذا الاستجابة للعنف القائم على النوع الاجتماعي والاتجار والأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم”.
وتهدف الـ”UNHCR”، من خلال هذا العمل الذي يرسم خرائط وطرق الهجرة واللجوء بالمنطقة المتوسطية والساحل والصحراء، إلى زيادة المطالب بتحسين “خدمات الحماية، بما فيها تلك العابرة للحدود”، مع لفت الانتباه إلى المجالات التي توجد فيها حاجة إلى وسائل إضافية لسد الثغرات في الخدمات الحالية؛ وقصد “مساعدة اللاجئين والمهاجرين على التحلي بوعي أكبر بالمساعدة المتاحة على طول هذه الطرق والاستفادة منها بشكل أفضل”.
وكان تقرير اللجنة الاستطلاعية التي شكلها المجلس الوطني لحقوق الإنسان لفت إلى ما وصفه بـ“النمط غير المسبوق لعبور المهاجرين للسياج” مع ثغر مليلية المحتل، ساردا وقوع أحداث عنف سبقت مواجهات يوم “الجمعة الأسود” (24 يونيو 2022).
وحسب تقرير اللجنة ذاته فإن المنطقة عرفت، خلال السنة الماضية ومطلع هذه السنة، وبشكل مفاجئ، وصول أعداد كبيرة من المهاجرين القادمين من شرق إفريقيا، خاصة من السودان وتشاد؛ علما أن المهاجرين القادمين من إفريقيا الشرقية كانوا يتخذون من ليبيا معبرا رئيسيا نحو الضفة الشمالية، ما يسائل مدى الخطر المتزايد الذي أصبحت تشكله “شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر”.