رغم مرور إحدى عشرة سنة على دسترة الأمازيغية لغة رسمية للدولة، واعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المواطنات والمواطنين المغاربة دون استثناء، مازالت مكوّنات الحركة الأمازيغية تعبّر عن إحباطها من النتائج المحققة، إلى حدّ الآن، على مستوى تفعيل ما جاءت به مقتضيات الوثيقة الدستورية، وهو ما عكسه تقرير أنجزته الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية.
التقرير نبه إلى وجود “مسلسل يتنامى باضطراد لقرارات، فردية أو شخصية أو شبه مؤسساتية، تتجه نحو تعزيز واقع الهشاشة الذي تعيشه اللغة والثقافة الأمازيغيتان، إما بالمزيد من التهميش أو باعتماد قرارات سياسية وتشريعية تفتقد للجودة والحكامة والمسؤولية”.
وعددت الهيئة التي أعدت التقرير جملة من النقاط التي قالت إنها تدل على تكريس هشاشة الأمازيغية، مسجلة استمرار التأخير في هيكلة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، ووضعية الأمازيغية على مستوى منظومة التربية التكوين.
في هذا الإطار، انتقد التقرير استمرار “مسلسل التمطيط في تعميم تدريس الأمازيغية بالتعليم الأولي وإدماجها بالتعليم الإعدادي ووضع مخطط إدماجها بالتعليم الثانوي، ونحن على بعد سنتين فقط على انتهاء الأجل المقرر لتفعيل المادة 4 من القانون التنظيمي للأمازيغية”، كما انتقد “مواصلة الحكومة منهجية تلكؤ الوزارة الوصية في اعتماد مرجعيات قانونية وإدارية واضحة، تمكن من القطع مع التعسفات التي تطال وضعية مدرس اللغة الأمازيغية”.
وعلى مستوى وضع الأمازيغية في الإعلام العمومي، اعتبرت الوثيقة أن الإذاعة الأمازيغية حققت تعميم البث بالأمازيغية على مدى 24 ساعة، إلا أنها في المقابل “مازالت تتحرك بمنطق إذاعة اللهجات، إذ تتجنب الانخراط في سيرورة التقعيد والتحاق اللغة الأمازيغية بالمعرفة العلمية وتطوير التعابير الأدبية والفنية ومحاربة الأمية والتحسيس بقضايا الوطن، واشتغال مرافقه ومؤسساته باللغة الأمازيغية”.
كما سجّل التقرير الملاحظة نفسها على القناة الثامنة، معتبرا أنها تسير في المنحى نفسه، “حيث تم تعطيل تنفيذ مقررات دفتر التحملات القاضي بإضافة ساعتين كل سنة لفترة البث، منذ 2012”. كما آخذت الهيئة التي أعدت التقرير على القناة اعتمادها على “المقاربة التلهيجية والفلكلورية، والبحث عما يشبه المجانية في الإنتاج والتعابير الفنية، بواسطة الدبلجة والترجمة، حيث لا يتمتع الإنتاج التلفزي الأمازيغي إلا بإمكانيات بشرية ومادية ضئيلة مقارنة بالإنتاج العربي”.
وبخصوص وضعية الأمازيغية على مستوى الإدارة العمومية، اعتبرت الوثيقة أن الحكومة، وإن كانت قد أعلنت اعتماد مليار درهم خلال الولاية الحالية لدعم الأمازيغية بالإدارات العمومية، ومأسسة الجهاز المكلف بتتبع هذه الميزانية وتنفيذها وتقييمها، “فإنه يلاحظ أن الحكومة تجاهلت التزامها بمأسسة هذا الجهاز ببنية وطنية وجهوية، ولم تتحفنا في هذا الموضوع إلا ببعض الرتوشات بالهوية البصرية لبعض المؤسسات العمومية”.
وانطلاقا من الوضعية الحالية للأمازيغية، دعت الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية الحكومة إلى “احترام قواعد الحكامة والديمقراطية التشاركية”، و”التعامل مع جميع المغاربة بشكل متساو في الحقوق والواجبات”، معتبرة أن هذا “يحتم على سياساتها العمومية عدم تكريس التمييز بين اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، من حيث بناء الإستراتيجيات اللازمة لحمايتهما والنهوض بهما”.