اعتبرت نعيمة بنواكريم، متخصصة في النوع الاجتماعي و حقوق الإنسان و عضو المجلس الوطني الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة ، أن مصطلح الرشوة الجنسية جد مجحف في حق المرأة، باعتبار أن القانون يضع الراشي والمرتشي في نفس درجة الخطأ، كما أن المصطلح يضع الجاني والضحية في نفس الدرجة، مشددة على ضرورة تعويض المصطلح بالابتزاز الجنسي والذي يبقى أكثر تعبيرا عن الواقع.
وقالت نعيمة بنواكريم، في كلمة باللقاء الوطني حول الرشوة الجنسية، والذي نظمته جمعية “ترانسبرانسي” المغرب، اليوم السبت، إن انتشار الرشوة الجنسية والارتفاع الكبير لحالاتها خلال السنوات الأخيرة، يصطدم بغياب المؤشرات والدراسات بهذا الخصوص، وآليات الرصد، وصعوبة الإثبات في معظم الأحيان، بالإضافة إلى عدم قياس آليات الرصد لآثار هذا النوع من الرشوة على الجنسين.
وأبرزت بنواكريم، أن “ظاهرة الرشوة الجنسية” كانت وماتزال مخفية ومغيبة وتوضع في نفس الدرجة مع الرشوة، مسجلة غياب المعطيات الرسمية عن عدد الحالات المسجلة وأماكن انتشارها.
وأوضحت ذات المتحدثة أن الدراسات واللقاء ات التي قامت بها “ترانسبرانسي” سجلت انتشار الرشوة بدرجات متفاوتة بالإدارات العمومية والمقاولات مقابل الترقية ومناصب الشغل، والجامعات مقابل النقط، وحتى بالأحزاب السياسية من أجل الحصول على ترشيح أو تزكية.
وأكدت بنواكريم أن قياس ظاهرة “الرشوة الجنسية” تواجهه تحديات هائلة، أولها قصور آليات القياس نظرا للصمت المحيط بالظاهرة؛ الميول إلى وضع الضحية مكان المتهم؛ صعوبة الاتباث؛ الخوف من الانتقام؛ الجهل بوجود آليات النظام؛ الاتهام بالتواطؤ باعتبار أن عدم قدرة الضحايا على الاثبات يضهم في خطر المتابعة بالفصل 490 المتعلق بالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.
وشددت عضو المجلس الوطني لترانسبرانسي المغرب، على أن غياب المعطيات الرسمية بهذا الخصوص، يضر بشكل كبير ويصعب عمل الجمعيات الحقوقية والهيئات المتهمة بمحاربة الرشوة والاستغلال الجنسي.
ودعت بنواكريم إلى تحسيس القضاة والمحامين من أجل تكييف بعض النصوص القانونية ومعاقبة الجناة، مشددة على ضرورة إصلاح القضاء ليصبح نزيها ومستقلا وفعالا، معتبرة أن “القضاء حاليا لا يتوفر على الإمكانيات اللازمة ليكون عادلا ومنصفا لضحايا الرشوة الجنسية”.
وفي تقديمه للعناصر الأولية لدراسة حول النصوص القانونية والسياسات العمومية ضد الرشوة الجنسية بالمغرب وفق مقاربة النوع الاجتماعي، أشار زهير كسيم، الباحث في قضايا النوع الجنسانية، إلى أن تفاقم الرشوة الجنسية، يأتي سياق استقرار مؤشرات الفساد في المغرب ومؤشرات العنف والتمييز، وانعدام التعريف القانوني للظاهرة.
ووأضاف كسيم، أن القانون المغربي لا يضم أن نص قانوني يعرف الرشوة الجنسية، حيث أنه يعتبرها رشوة لا تختلف عن أي نوع آخر من الرشوة، كما أنه لا يوجد أي اعتراف رسمي بوجودها أساسا.
ومن جهته، أشار رضا البكاري، الباحث في العلوم القانونية، إلى أن هناك حضور محتشم لمقاربة النوع في السياسات العمومية لمناهضة الرشوة، والتي تتمثل أساسا في غياب الإحصائيات والمؤشرات المرتبطة بالرشوة الجنسية حسب الجنس، وغياب المرجعيات المرتبطة بحقوق النساء ومناهضة العنف في مرحلة الإعداد، بالإضافة إلى غياب هيئات المجتمع المدني التي تعنى بمناهضة التمييز والعنف المبنيين على النوع، وعدم التطرق إلى الرشوة الجنسية في حملات التحسيس والتواصل، وغياب أي ميزانية تستهدف النساء بدل النوع.
وأوصت الدراسة، بالاعتراف القانوني نجريمة الرشوة الجنسية من خلال إدراجها في القانون الجنائي أو القانون المتعلق بالعنف ضد النساء أو هما معا، العمل على جمع مستجيب للنوع للمعطيات المرتبطة بالرشوة عموما والرشوة الجنسية خصوصا.
كما اقترحت الدراسة، توفير الضمانات للضحايا والمبلغين عن الرشوة الجنسية، وتنظيم تكوينات لفائدة المتدخلين من المصالح الأمنية والقضائية حول هاته الجريمة المسكوت عنها، إلى جانب تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية حول الرشوة الجنسية.
وفي مداخلتها، شددت عاطفة تمجردين منسقة “تحالف ربيع الكرامة”، على أن الرشوة الجنسية تكرس السلطة الذكورية، وتزيد من “قهر النساء والعنف الممارس عليهم بكل أنواعه”.
أما خديجة الرياضي، وفي مداخلة باسم تنسيقية المسيرة العالمية للنساء بالمغرب، أكدت أن الصمت المحيط بالرشوة الجنسية، تمنح به الدولة الأولية لذوي المصالح مقابل هضم حقوق النساء، ما يجعلها طرفا في العنف الممارس على النساء.
وطالبت الرياضي، الدولة بضمان حقوق وحريات الجنسين والنساء على وجه الخصوص، وتعزيز الكرامة والحق للجميع، وإعطاء السلطة للجنسين لحماية النساء من العنف الجنسي.
وأكدت المتحدثة، على أن الرشوة الجنسية لها أبعاد كارثية وتنتشر بشكل كبير في أوساط العاملات وخاصة العاملات الفلاحيات، مشيرة إلى أن بعض المناطق الفلاحية والتي يعمل القاطنون بها بشكل أساسي بالمزارع، عرفت تزايدا كبيرا لأعداد الأمهات العازبات والابتزاز الجنسي للنساء، بعلم أزواجهن وعائلاتهن، الذين اختاروا الصمت في قبيل لقمة العيش.
وخلصت الرياضي، إلى أن خصوصية الرشوة الجنسية تستدعي تغلين جانب العنف المبني على النوع لمعالجة الظاهرة أكثر من معالجتها بمقاربة محاربة الرشوة بأشكالها الأخرى، وفتح نقاش عمومي حول الموضوع.