“رواية تستحق أن نحتضنها جميعا”، وفق الروائي والشاعر ياسين عدنان؛ يمثلها العمل الأدبي لجوسلين اللعبي، المترجم حديثا إلى اللغة العربية، بقلم لحسن مقنع، ومراجعة عبد اللطيف اللعبي، بعنوان “حكاية القرامطة”.
هذه الرواية، المقدمة في ندوة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط “عمل تخييلي ينصف التاريخ ولا يتلاعب به”، ويهتم بفترة تغافل عنها “المسلمون والمستشرقون”، وتأثرت بـ”تأريخ عنصري لعدد من مؤرخي الإسلام” نظروا إليها “نظرةً تكاد تكون عرقية”، وتعكس أيضا اختلافات، بين السنة والشيعة؛ “أعمق من مجرد مشاكل طائفية”.
ويعرّج هذا العمل الأدبي، المكتوب أصله باللغة الفرنسية، على “ثورة الزنج” ودولة القرامطة، القائمة في مجال دولة البحرين اليوم، التي امتلكت “الحجر الأسود” لعقدين، وسيطرت على البصرة العراقية.
في كلمته، اعتبر ياسين عدنان المؤرخينَ محظوظين بالأدب والسرد؛ لأن “الكثيرين يتوجسون من كتب التاريخ، ولذا نحتاج وساطة الأدب”، مستحضرا تعرفه على تاريخ الإسلام عبر روايات جورجي زيدان، لا عبر مجلدات أحمد أمين.
هذا الأدب المستلهم للتاريخ، بالنسبة للمتدخل، “لا يزُور المصادر بروح بحثية، بل من أجل كتابة أكثر ثورية وإنصافا”؛ وهو “ما جعل (حكاية القرامطة) تنتصر للمنهزمين وتعيد إليهم الكلمة”.
وتتبع ياسين عدنان ما يقبع وراء هذه الرواية من “خلفية نضالية، بل وماركسية، أعدت جوسلين لقراءة المرحلة”، علما أن أدبها “مغربي بتعبير فرنسي”، وفق قراءته، وعلما أن “الفرنسية لغة مغربية”، الآن.
الكاتبة جوسلين اللعبي، التي اعتذرت بدارجة مغربية مسترسلة عن عدم قدرتها الاستفاضة في الشرح بالعربية، تحدثت عن تاريخ القرامطة الذي “يشدها منذ زمن”. لذا، سعت عبر هذا العمل، إلى “تقريبه من العالم الغربي، غير المعروفِ فيه على الإطلاق”، ولأقول لهم إن “الإسلام ليس واحدا”، أي ليس نموذجا أحاديا متجانسا.
وتحدثت جوسلين عن مصادرها التاريخية العربية والغربية، ثم عن كتابتها رواية يحضر فيها “ما أحسسته حول تاريخهم، وشخصياتهم، ذكورا وإناثا”.
الشاعر والكاتب عبد اللطيف اللعبي، الذي تدخل من مقاعد جمهورِ معرض الكتاب، تحدث عن “القصور من الجانب العربي الإسلامي في التطرق لتاريخ القرامطة”، في وقت “تطغى فيه السلبية” على ما كتب إسلاميا حولهم.
هذا التأريخ الذي يتضمن “الصيغة الرسمية للإسلام الأورتودوكسي” فيه “تغييب وتهميش” دفع المتدخل إلى قول إن في أدبيات المستشرقين حول هذه المرحلة “خيرا لهذا التاريخ”.
هذا الموقف برره اللعبي بـ”محاولة تغييب كون دولة القرامطة قد اهتمت بقضية المساواة بين النساء والرجال، واقتسام الثروات، وكانت نوعا من اليوتوبيا (أي المدينة الفاضلة)، استطاعت أن تُزرَع في الأرض العربية”.
من جهته، تطرق الشاعر عبد الهادي السعيد إلى ما تتضمنه الرواية من “إعادة صياغة بالكامل لملحمة جلجاميش”، مع “توليف بين عناصر متباينة، مثل عمل موسيقي مركب”، مع حضور للشعر “دون مجانية، بل بخضوع للمنطق العام للبناء الفني للرواية”.
هذا العمل، بالنسبة للمتدخل، يحضر فيه أيضا “فصل للتاريخ عن الأسطورة، ولو اعتبرت الكاتبة القرامطة مؤسسين لدولة المساواة، وملهمين للاشتراكيين بعدهم”.