كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن 99,2 في المائة من المغاربة يؤكدون أن الأسعار ارتفعت في السنة الجارية، فيما صرح 77 في المائة منهم أن الأسعار ستستمر في الارتفاع؛ وهي أرقام تؤشر على وضع اجتماعي مقلق، وتستدعي اللجوء إلى تدابير استثنائية حسب خبراء اقتصاديين.
محمد جدري، الباحث في الاقتصاد، قال، في تصريح لهسبريس، إن الاقتصاد الوطني يعيش موجة تضخم غير مسبوقة، حيث من المتوقع أن تتجاوز نسبة التضخم 6 في المائة مع نهاية السنة.
وأوضح الباحث في الاقتصاد أن الارتباك في سلاسل الإنتاج والتوريد والارتفاع الصاروخي في تكلفة النقل والشحن وارتفاع أسعار المحروقات ومجموعة من المواد الأولية، كالحديد والنحاس والألمنيوم والزجاج والاسمنت، كلها عوامل ساهمت في ارتفاع تكلفة الإنتاج، لافتا إلى أن “الارتفاع في أسعار مجموعة من السلع والخدمات أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصا ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة”.
وتوقع جدري استمرار هذا الارتفاع في الأسعار إلى نهاية السنة الجارية على الأقل، لانعدام الرؤية في الأفق القريب؛ وهو نفس الأمر الذي ذهب إليه رشيد ساري، المحلل الاقتصادي.
وأكد ساري أن التوقع السائد يظل، أمام هذا الوضع وما يلف العالم من تقلبات غير معلوم إلى أين يمكن أن تصل، هو تواصل ارتفاع الأسعار على الأقل إلى غاية نهاية السنة بفرضية انتهاء الحرب الروسية الاوكرانية، أما إذا استمرت الحرب الدائرة حاليا فمن الصعب التكهن بالتداعيات.
وأضاف ساري أن الأسعار ارتفعت منذ أكتوبر من السنة الفارطة نظرا لمشكل التوريدات جراء بداية تعافي الاقتصاد العالمي من كورونا، الذي أرخى بظلاله على مجموعة من الدول كبريطانيا وتركيا والصين.
واستدرك المتحدث ذاته: لكن لم يكن له الأثر الكبير، حيث كان محدودا شيئا ما؛ إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية كان لها الوقع الكبير، خاصة أن المغرب ليس دولة طاقية؛ مما رفع من فاتورة هذه المواد بشكل كبير جدا.
وشدد المحلل الاقتصادي على أن أرقام المندوبية تعكس واقعا أصبح مجسدا بنسبة تضخم هي الأكبر منذ سنة 1995، كما أن آثار الجفاف رفعت من نسبة التضخم الفلاحي الذي سوف تظهر تداعياته لاحقا بشكل كبير؛ لأن المغرب دخل في مرحلة ندرة المياه وما لها من انعكاسات لاحقا على ارتفاع مجموعة من المواد الغذائية.
الدعم وإجراءات ضريبية
محمد جدري، الباحث في الاقتصاد، قال إن الحكومة قامت بمجموعة من الإجراءات رغم محدوديتها من دعم البوتان والحبوب، حيث إنه من المتوقع أن تصل اعتمادات صندوق المقاصة إلى أكثر من 32 مليار درهم، ناهيك عن دعم النقالين بأكثر من ملياري درهم، ودعم الكهرباء عن طريق المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
ونبه الباحث في الاقتصاد إلى أنه سيتوجب على الحكومة، في حال استمرار هذا الوضع خلال الأشهر القليلة المقبلة، التفكير في طرق دعم أخرى؛ كتجميد الضريبة الداخلية للاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة أو البحث في إمكانية تقديم دعم مباشر للفئات الهشة، خصوصا أن القدرة الشرائية لهذه الفئات قد تأثرت وستزيد أكثر خلال موسم الصيف، من خلال عيد الأضحى والعطلة وكذلك الدخول المدرسي، مشددا على ضرورة ضخ إمكانيات مالية غير اعتيادية في ظرفية اقتصادية صعبة.
ومن جانبه، أفاد رشيد ساري، المحلل الاقتصادي، بأن الحكومة مطالبة بمزيد من الدعم لتخفيف وطأة التهاب أسعار المحروقات، كما أن المواطن مطالب أيضا بترشيد استهلاك الكهرباء وكذا المواد الطاقية.
ودعا ساري إلى ضرورة التخفيض من الضريبة على المحروقات، خاصة أن العائدات ازدادت بشكل كبير بعدما تم تجاوز سعر البترول 70 دولارا، كما أن الدولة مطالبة بفرض خفض هامش الأرباح على شركات المحروقات.