تواجه المقاولات مشاكل عدة ذات صلة بالصفقات التي تم إبرامها قبل الهندسة الحكومية الجديدة التي عرفت اندماج بعض القطاعات، وهو ما أثر بشكل سلبي على عدد منها، علما أن هذا القطاع يضم في الغالب مقاولات صغيرة ومتوسطة.
ودفعت تداعيات هذا الموضوع نوابا برلمانيين إلى مساءلة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها لحماية هذه المقاولات، حتى تفي بالتزاماتها في إطار الاتفاقيات المبرمة تجاه الدائنين والمستحقين وتتفادى الإفلاس.
وفي السياق ذاته أوضح إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، في تصريح لهسبريس، أن “الهندسة الحكومية خلقت العديد من الإشكاليات، منها ما يتعلق بإلحاق الموظفين من قطاع إلى قطاع، ومنها ما يتعلق بالصفقات العمومية المبرمجة سابقا”.
وأورد السنتيسي أن “عددا من المقاولات التي رست عليها الصفقات في قطاعات معينة تواجه مشاكل وصعوبات بعد إدماج هذه القطاعات في قطاعات أخرى، ولاسيما تفعيل المساطر الإدارية والمالية والأداءات المالية، الأمر الذي زاد من تأزم وضعيتها الاقتصادية بسبب عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها إزاء الموردين؛ ناهيك عن الانعكاسات الاجتماعية المتعلقة بعمال هذه المقاولات”.
رشيد صاري، الخبير الاقتصادي، أكد أن “القانون الإطار الذي جاء من أجل إصلاح الإدارة العمومية ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار ضرورة إيجاد مساطر إدارية أكثر مرونة، من أجل تسريع تفعيل الصفقات التي كانت تحت إمرة إدارة عمومية تم إدماجها أو حلها بالكامل”.
وتابع المتحدث ذاته في تصريح لهسبريس: “إن ما يجب القيام به من طرف الحكومة هو إعداد ما يصطلح عليه بالفرنسية Avenant وهو ملحق للعقد الذي سبق وأبرم بين المقاولة والإدارة العمومية السابقة، يتم بموجبه تحيين العقد باسم الإدارة الجديدة”.
كما أشار صاري إلى أن “التأخير وكثرة المساطر الإدارية أو كثرة التوقيعات والمرور على مجموعة من الأقسام سيكون له الأثر الكبير على الدولة نفسها في إنجاز مجموعة من المشاريع في وقتها، وبالتالي حرمان المواطنين من مجموعة من الخدمات، ومن جهة أخرى سوف يكبد خسائر فادحة للمقاولات، قد تصل إلى إعلان الإفلاس أو في أحسن الأحوال أزمات مالية خانقة”.
من جانبه كشف محمد جدري، الباحث في الاقتصاد، أن “النسيج الإنتاجي الوطني يتشكل أساسا من المقاولات الصغيرة، إذ إن 92% من المقاولات هي مقاولات متناهية الصغر، ورقم معاملاتها لا يتجاوز ثلاثة ملايين درهم؛ والأكثر من ذلك أن 84% من هذه المقاولات تحقق أقل من مليون درهم سنويا كرقم معاملات”.
وأشار الباحث ذاته إلى أن “العوامل الأخرى التي يعرفها الاقتصاد العالمي من تضخم غير مسبوق في أسعار المحروقات، وغلاء مجموعة من المواد الأولية، كالحديد والنحاس والألمونيوم والزجاج والإسمنت… وكذلك الارتفاع الكبير في تكلفة النقل والشحن واللوجيستيك، يؤثر بشكل مباشر عليها ويهدد بقاءها”.
كما أكد المتحدث أن “على الحكومة فتح حوار مع القطاع البنكي من أجل توفير السيولة المالية الكافية لهاته المقاولات ريثما تتوصل بمستحقاتها من طرف القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية التي تم عقد الصفقات معها”، ومن جهة أخرى أشار إلى أن “الحكومة قامت بمجموعة من الإجراءات من أجل التخفيف من أزمة هذه المقاولات، عن طريق منشور رئيس الحكومة في شهر أبريل الماضي المتعلق بتسريع الصفقات العمومية، وكذلك قامت بإعداد مشروع مرسوم جديد متعلق بتحسين تفعيل الصفقات العمومية”.