قال رشيد أوراز، خبير اقتصادي، إن “الحكومة الحالية لديها فرصة قصيرة الأمد لمعالجة مشكلة التضخم قبل أن تسوء الأمور”، مبرزا أنه “رغم استقرار الأوضاع إلا أن التاريخ يشير إلى أنه لن يستمر، وأن المزاج الشعبي في الشارع يمكن أن يتغير بسرعة”.
وأضاف أوراز، في مقالة منشورة بمعهد الشرق الأوسط، تحت عنوان “الاستقرار في المغرب هو استقرار الأسعار”، أنه “سبق أن انتشرت في الملاعب هتافات تطالب برحيل رئيس الحكومة، بسبب الظروف الراهنة، وبسبب غياب التواصل من طرف الحكومة”.
واستطرد الباحث عينه: “مثل الولايات المتحدة وأوروبا، شهد المغرب بدوره ارتفاعا في التضخم مؤخرًا، مسجلا معدلا وصل إلى 6.4 في المائة خلال يوليوز 2022، وهو تضخم قادم من الخارج، يسمى ‘التضخم المستورد’”، وأردف: “تنظر الحكومة بتخوف كبير إلى هذا الوضع الذي ما ينفك يتطور، لاسيما أن المغرب نجح في السابق في تجنب التضخم المتفشي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي أثر على جزء كبير منها خلال العقد الماضي”.
“بفضل سياسته النقدية المتينة، تمكن البلد من إبقاء التضخم عند الحد الأدنى في الماضي، لكن الوضع تغير الآن، كما أن السياسة النقدية المحلية غير قادرة على مواجهة العوامل الخارجية التي أدت إلى الارتفاع الأخير في الأسعار”، وفقا للمقالة.
وتابع الباحث الاقتصادي بأن “الحكومة المغربية تواجه وضعا صعبا، حيث يصاحب ارتفاع التضخم تباطؤ في النمو الاقتصادي؛ ففي مارس توقع بنك المغرب معدل نمو بنسبة 0.7 في المائة لعام 2022، قبل تعديل تقديراته في يونيو إلى حوالي 1 في المائة”، وواصل بالقول: “يمثل هذا انخفاضًا حادًا مقارنة بمعدل النمو الذي بلغ 7.9 في المائة عام 2021. تبدو الأرقام بين معدل التضخم ومعدل النمو معكوسة، ففي وقت يرتفع التضخم، يتراجع النمو الاقتصادي، وهذا ما يجعل الاستقرار الاجتماعي على المحك”.
وأكد المتحدث ذاته أن “المغرب استفاد من استقرار نسبي على مدى العقدين الماضيين بفضل سياسة نقدية متينة أبقت معدلات التضخم المحلية دون 2 في المائة معظم السنوات، وساعدت في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي النسبي خلال فترة الانتفاضات الاجتماعية في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
وأشار كاتب المقالة إلى أن ذلك “النجاح منح لوالي لبنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، لقب رجل الاستقرار، مقارنة بنظرائه في المنطقة، التي عصفت بكثير من بلدانها موجات تضخم هائلة”، وزاد: “لقد أبقت المقاربة القائمة على عدم التسامح مع التضخم الوالي على رأس البنك المركزي لفترة طويلة”.
وأردف أوراز بأن “كل زيادة في الأسعار أدت في نهاية المطاف إلى تصاعد الاحتجاجات، ما جعل المغرب يتعلم أهمية التعامل الفعال مع التضخم”، متابعا: “بعد عام 2010، ومع ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 2 في المائة، زادت التوترات الاجتماعية أيضًا”.
كما قال الباحث ذاته: “كانت مداخيل المواطنين وقوتهم الشرائية منخفضة للغاية، لأن الغالبية العظمى منهم لم يتمكنوا من الادخار وتنويع مصادر الدخل؛ أما معظم دخلهم، وخاصة الأجور والأرباح، فيتم صرفه على الأساسيات، مثل السكن والنقل والطعام والملبس. وحتى الطبقة الوسطى كانت عاجزة بشكل مزمن على الادخار بسبب قوتها الشرائية الضعيفة، واعتمادها على الخدمات التعليمية الخاصة، وارتفاع أسعار العقارات السكنية في المدن”.
وأشار أوراز إلى أن “أزمة كوفيد 19 أدت، إلى جانب ركود الناتج المحلي الفردي السنوي على مدى العقد الماضي، إلى إرهاق الطبقتين المتوسطة والعاملة؛ كما أثرت هذه الوضعية بشكل خاص على العاملين في القطاع غير المهيكل، الذي يمثل 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويشغل 70 في المائة من العمالة في البلاد”.