في تطور لافت في مجال البحث عن أسباب مرض التوحد، كشفت دراسة طبية جديدة أن تعرض المرأة الحامل لنزلات البرد أو الأنفلونزا الشديدة قد يكون عاملاً محتملاً في إصابة الأطفال بالتوحد. التقرير الذي نشرته جريدة “دايلي ميل” البريطانية، واطلعت عليه “القدس العربي”، أشار إلى أن العلماء ظلوا لعقود يحاولون فك لغز أصول مرض التوحد إلى أن ظهرت هذه الدراسة التي قدمت تفسيرًا جديدًا.
وأوضحت الدراسة أن تعزيز جهاز المناعة لدى الأم استجابةً لعدوى فيروسية قد يؤثر سلبًا على نمو دماغ الجنين. ووفقًا للبحث الذي أجري على الفئران، فإن الأجنة الذكور كانوا الأكثر تأثرًا بهذه التغيرات مقارنة بالإناث، وهو ما يتماشى مع النسبة الأعلى لانتشار التوحد بين الأولاد مقارنة بالفتيات.
وتستند هذه الدراسة إلى تجارب محاكاة عدوى فيروسية في الفئران، حيث تم رصد استجابة الجهاز المناعي للأم لفيروسات البرد أو الأنفلونزا وكيفية تأثيره على دماغ الجنين. ويشير العلماء إلى أن تنشيط المناعة الأمومية يؤدي إلى زيادة في مستويات السيتوكينات والكيموكينات التي يمكن أن تعبر المشيمة وتصل إلى دماغ الطفل، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في نمو الدماغ تتسبب في الإصابة بالتوحد.
وأكدت الباحثة إيرين سانشيز مارتن، التي قادت هذه الدراسة في مختبر “كولد سبرينغ هاربور” في نيويورك، أن نتائج التجارب أظهرت أن إصابة الأم بالفيروس تؤدي إلى تباطؤ في نمو دماغ الجنين. وعلى الرغم من أن الدراسة ركزت على تأثير العدوى الفيروسية، إلا أن العلماء يعتقدون أن عوامل أخرى قد تساهم أيضًا في هذه التأثيرات.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد العلاقة الدقيقة بين الفيروسات والتوحد، يأمل الباحثون أن تسهم هذه النتائج في التعرف على العلامات المبكرة للتوحد قبل ولادة الطفل، مما يسهم في التشخيص المبكر للمرض.
ويأتي هذا البحث في ظل تزايد حالات التوحد بين الأطفال في الولايات المتحدة، حيث أشارت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى ارتفاع معدلات الإصابة من طفل واحد من بين كل 150 في عام 2000 إلى طفل واحد من بين كل 36 في عام 2020، وهو ما يعزى إلى تحسن قدرة الأطباء على تشخيص المرض وزيادة الوعي به.