أوصت دراسة حديثة أعدها الدكتور محمود جدي بضرورة إعادة الاعتبار للمدرس في المجتمع وفي المؤسسة التعليمية، خاصة في الجانب المتعلق بوضعه الاقتصادي ومظهره ونظرة الناس إليه، وذلك لعدة اعتبارات، أهمها أنه الضامن الأول للجودة والقيم، وكون مهنة التربية مهمة بمواصفات قيمية أولا وأخيرا.
ودعت الدراسة، التي كانت موضوع مشاركة الدكتور جدي في المؤتمر العلمي الدولي بتونس حول تحديات التعليم في العالم العربي وآفاق الإصلاح، إلى تجويد بيئات التعلم بالمدرسة المغربية، بما يضمن اكتساب القيم والتعلمات، وتحسين جودة مواصفات الخريجين، وتوفير فضاءات لأنشطة الحياة المدرسية وتثمين مجهود العاملين بها.
كما نادت الدراسة، التي توصلت بها هسبريس، بضرورة “الانتباه إلى وثيقة رسمية هامة من وثائق وزارة التربية الوطنية، وهي شبكة مراقبة الجودة في المؤسسات التعليمية، التي بقيت في الرفوف، رغم أنها تضم مؤشرات أداء قابلة للقياس، وتدل على مجهود مغربي في الجودة يشكل إضافة قابلة للتطبيق في المؤسسات التربوية”.
وأكدت الوثيقة ذاتها على “ضرورة مأسسة البحث التربوي، وإرساء هياكله وتثمين وتشجيع المشتغلين به، خصوصا البحث العلمي التربوي الميداني المبني على معايير ووسائل عالمية والمعتمد على أدوات بحثية معروفة بحجيتها الدولية”.
كما كشفت الدراسة التي أعدها محمود جدي أن “درجة وجود السلوك المنافي للقيم بالمدرسة المغربية من وجهة نظر رجال ونساء التربية والتكوين بالمغرب بلغت متوسطا حسابيا بنسبة 3.42 (الانحراف الاجتماعي، السلوكيات اللامدنية، التطرف والعنف والغش والتحرش)؛ وذلك انطلاقا من معايير القيم والاختبارات الإشهادية ومقاربة النوع والمنهاج التربوي، وأنشطة الحياة المدرسية وشركاء المدرسة ومحيطها”.
وأشار البحث الميداني ذاته إلى أن “المدخل القيمي مدخل هام لكل إصلاح تربوي، كما أن مجتمع المدرسة المغربية رافد سلبي يغذيها بقيم مناقضة لقيمها، ويجعل مهمتها في إكساب القيم مهمة صعبة، وهو ما نتج عنه صراع للقيم وتنافرها بين قيم المدرسة وقيم المجتمع، ما جعل المدرسة المغربية في سعيها الدونكيشوتي إلى البحث عن قيم مفقودة تعيش حالة اغتراب في علاقتها بمجتمعها”.
وخلص البحث عينه إلى أن “الجودة والقيم تجمعهما علاقة ترابط وتأثير متبادل تؤثر من خلاله مؤشرات الجودة ومعاييرها في الجانب القيمي للمتعلم، كما تؤثر قيم المتعلم في جودة مؤسسته؛ ويتجلى هذا في كون متعلمي المؤسسات الجيدة يتحلون ضرورة بالسلوك القيمي الجيد”.
يذكر أن العينة الاستطلاعية للدراسة همت 1574 مستجوبا من نساء ورجال التربية والتكوين بالمغرب، ممن لهم اتصال مباشر بالمتعلم بالقدر الذي يسمح لهم بملاحظة سلوكه المنافي للقيم؛ وشملت مدرسين وإداريين بالمؤسسات التعليمية ومفتشين ومراقبي الامتحانات بالوسطين القروي والحضري.