رصدت دراسة أعدها مجلس الجالية بعنوان “في الحاجة إلى سياسة عمومية تستجيب لانتظارات الجالية المغربية بالخارج”، محدودية حضور قضايا الجالية في برامج الأحزاب السياسية.
وتوقفت الدراسة عند حضور قضايا الجالية في برامج الأحزاب السياسية أثناء المنافسة الانتخابية في الاستحقاقات التشريعية للسابع من أكتوبر 2016.
وأشارت الدراسة إلى أن تعامل الأحزاب السياسية مع قضايا الجالية، يتسم باختلاف الفهم وتضارب الحسابات.
في هذا الصدد، توقفت الدراسة عند حضور قضايا الجالية في مواقف وبرامج حزب العدالة والتنمية، موردة أنه “إذا كانت البرامج الانتخابية تعكس تمثلات الفاعلين السياسيين وتصوراتهم تجاه موضوع الجالية المغربية، فإن ما يمكن استنتاجه من خلال تحليل البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية، الذي قاد تجربتين حكوميتين، غير منسجم مع تصورات الحزب ومواقفه أثناء رأيه الاستشاري حول مجلس الجالية”.
وأوضحت الدراسة أن حزب العدالة والتنمية كان من أكثر المدافعين عن المشاركة السياسية للجالية المغربية، إلا أن البرنامج الحكومي لحكومة عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، جسد نظرة تقنية للحزب في صيغة اقتصادية واجتماعية، وتغييب البعد المرتبط بالمشاركة السياسية والحكامة وإرساء سياسة عمومية للجالية المغربية بالخارج.
أما نظرة حزب التجمع الوطني للأحرار لموضوع الجالية المغربية بالخارج، فقد ظلت جد محدودة، بحسب الدراسة؛ إذ اكتفى الحزب بالبعد الثقافي من قبيل إنشاء معاهد ثقافية في كل العواصم، بالرغم من تحمله مسؤولية تدبير الوزارة المنتدبة في الهجرة خلال حكومة بنكيران، مبعدا بذلك إرساء سياسة عمومية لصالح الجالية وموضوع الحكامة والمشاركة السياسية، في حين كان بإمكانه إغناء برنامجه الانتخابي بما راكمه من تجربته في الحكومة.
كما لم يحظ موضوع الجالية باهتمام كبير داخل البرنامج الانتخابي لحزب الأصالة والمعاصرة؛ فقد اكتفى بالدعوة إلى الدفاع عن مصالح الجالية وإحداث دور الاستقبال مقابل تغييب كلي للمشاركة السياسية.
وأشارت الدراسة إلى أن اضطلاع الحزب بدور المعارضة السياسية آنداك كان يفرض عليه القيام بنقد التدابير الحكومية في مجال الجالية المغربية والمطالبة بانتهاج سياسة عمومية تجاهها، وخلق نقاش عمومي حول تمثيلية الجالية المغربية في مؤسسات الحكامة.
مقابل ذلك، قالت الدراسة إن برنامج حزب الحركة الشعبية عرف بعض التطور من حيث نهله من الخطاب الملكي لعيد العرش 2015، ومحاولته التوفيق بين البعد الإداري والتقني والتواصلي الخاص بالجالية المغربية بالخارج والبعد المؤسساتي والسياسي، عبر الدعوة إلى هيكلة دور وفعالية المؤسسات الوطنية المهتمة بموضوع الجالية المغربية، واعتماد آليات تدبيرية وتقنية تمكن مغاربة العالم من المشاركة السياسية، وتضمن تمثيلهم في المؤسسة التشريعية، مع تأكيده على البعد التوافقي في معالجة الملف.
وأبرزت الدراسة أن حزب التقدم والاشتراكية لم يعبر عن أي موقف صريح تجاه مسألة المشاركة السياسية للجالية خلال عملية الاستشارة حول مجلس الجالية، إلا أن رؤيته اتسمت بكونها أكثر تفصيلا من باقي برامج أحزاب الأغلبية حينها وسعت للتوفيق بين الأبعاد السياسية والدستورية التي تضمنتها الخطابات الملكية والدستور حول موضوع الجالية كالنهوض بحقوق مغاربة العالم في احترام للقانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات وتنزيل دستور 2011.
كما تميز برنامج حزب الاستقلال بكونه الأكثر تفصيلا ودقة من باقي البرامج الانتخابية لـ7 أكتوبر 2016، حيث تعهد بتمتيع أفراد الجالية بالمواطنة الكاملة ودعم مشاركتهم السياسية، وضمان تمثيلية ديمقراطية للجالية في كافة المجالس الاستشارية وجميع المؤسسات الدستورية.
وأكدت الدراسة أن البرنامج الانتخابي لحزب الاتحاد الاشتراكي اعتمد على رؤية تفصيلية تجاه قضية الجالية بعد حزب الاستقلال؛ إذ تعهد بالالتزام مع مؤسسات الحكامة وذات الطابع الاستشاري وتصحيح ما يعرفه الحقل الحقوقي من اختلالات، وإقرار حق المشاركة السياسية، وضمان تمثيلية وازنة لمغاربة العالم في جميع الهيئات ومؤسسات الدولة وإحداث مجلس أعلى للجالية.
من جهة أخرى، رصدت الدراسة غياب قضايا الجالية في البرنامج الانتخابي لحزب الاتحاد الدستوري، بينما دعا حزب جبهة القوى الديمقراطية إلى التعامل مع مغاربة العالم على أسس المواطنة ورصد وضعية المتقاعدين منهم.