يحصل سنويا على شهادة البكالوريا في مختلف أقاليم جهة درعة تافيلالت ما بين 12 و13 ألف تلميذ وتلميذة، وفق إحصائيات مسؤول بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة؛ وهو رقم يعكس مدى ضرورة إحداث جامعة مستقلة في الجهة ومعاهد عليا.
وحسب الإحصائيات سالفة الذكر التي وفرها المسؤول ذاته، فإن ما بين 52 ألفا و48 ألفا من الطلاب والطالبات يحصلون على شواهد البكالوريا في ظرف أربع سنوات، أغلبهم يواجهون مشاكل كثيرة جراء بعد الجامعات والمعاهد العليا؛ ما يدفعهم إلى التسجيل في الكليتين متعددتي التخصصات بكل من الرشيدية وورزازات.
في المقابل، أوضحت معطيات رسمية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بخصوص تطور عدد حاملي شهادة البكالوريا حسب الجهات ما بين سنتي 2019 و2020، أن نسبة التطور في جهة درعة تافيلالت بلعت 6.55 في المائة، إذ تم تسجيل حوالي 14757 ناجحا سنة 2019، و15724 ناجحا برسم السنة الدراسية 2020.
وحسب الإحصائيات الرسمية التي وفرتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في موقعها الرسمي، فإن المغرب يتوفر على 12 جامعة مستقلة، (محمد الخامس بالرباط، الحسن الثاني بالدار البيضاء، سيدي محمد بن عبد الله بفاس، القاضي عياض بمراكش، محمد الأول بوجدة، ابن زهر بأكادير، ابن طفيل بالقنيطرة، عبد الملك السعدي بتطوان، أبوشعيب الدكالي بالجديدة، مولاي إسماعيل بمكناس، الحسن الأول بسطات، السلطان مولاي سليمان ببني ملال).
درعة تافيلالت بدون جامعة مستقلة
تبدأ معاناة طلبة وطالبات أقاليم جهة درعة تافيلالت مباشرة بعد حصولهم على شهادة البكالوريا، بسبب غياب جامعة مستقلة؛ ما يجعل نسبة كبيرة منهم تقرر اللجوء إلى كليات متعددة التخصصات، ونسبة ممن حالفهم الحظ المالي هي من تدفع ملفاتها بالجامعات والمعاهد العليا.
“بداية المشاكل تبدأ لدى الطلبة وأسرهم مباشرة بعد حصولهم على شهادة البكالوريا”، قال محسن الداودي، طالب ينحدر من إقليم زاكورة، مشيرا إلى أن الطلبة يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى الجامعة؛ لأن كليتي متعددتي التخصصات الموجودتين حاليا بالجهة (الرشيدية، ورزازات) لا تتوفر على جميع الشعب، ما يجعل الطلبة يضطرون إلى البحث عن جامعة متكاملة تضم جميع الشعب التي تساعد الطلبة على ولوج سوق الشغل مستقبلا.
وأكد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن الجهة في أمس الحاجة إلى إحداث جامعة مستقلة ومتكاملة مثلها مثل باقي جهات المملكة، موضحا أن الإحصائيات والأرقام الرسمية بخصوص الحاصلين على شهادة البكالوريا كل سنة في الجهة تفرض إحداث جامعة مستقلة بشكل مستعجل، وإلا فإن الدولة تكرس مقولة “المغرب النافع والمغرب غير النافع”.
وطالب العديد من الطلبة المنحدرين من (درعة تافيلالت)، في تصريحات متطابقة لهسبريس، الدولة بضرورة العمل على إحداث جامعة مستقلة ومتكاملة في الجهة، لرفع الحيف والتهميش المفروضان على المنطقة، موضحين أنه “لا يعقل أن تبقى جهة معروفة بكونها من بين الجهات الأوائل في البكالوريا بدون جامعة مستقلة”.
من جهته، قال مصدر إداري بكلية متعددة التخصصات بالرشيدية التابعة لجامعة مولاي إسماعيل بمكناس أن المسؤول الحكومي المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قرر وقف إحداث كليات متعددات التخصصات مستقبلا، بينما سيتم تطوير المؤسسات الموجودة حاليا لتصير على شكل مركبات جامعية، موضحا أن “كليات متعددة التخصصات غير مفيدة سواء للأساتذة أو الطلبة”.
وأكد المسؤول الإداري ذاته، في تصريح هاتفي لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجهة في حاجة إلى جامعة مستقلة، مضيفا: “لا يقبل أن يتم إحداث جهة مستقلة لكنها ما زالت تابعة في التعليم العالي لمكناس وأكادير”، مبرزا أن أكبر الخاسرين في غياب جامعة مستقلة هم الطلبة والساكنة على حد سواء.
معاهد مفقودة
مرحلة ما بعد البكالوريا هي ما يشغل بال التلاميذ في جهة درعة تافيلالت المكونة من أقاليم ميدلت والرشيدية وتنغير وورزازات وزاكورة، خاصة الحاصلين على أعلى معدل، إذ إن الولوج إلى المدارس والمعاهد العليا أصبح عائقا أمامهم بسبب غيابها في الجهة ويضطرون إلى التنقل إلى فاس أو الرباط والدار البيضاء وغيرها من المدن البعيدة بمئات الكيلومترات عن الجهة، وفق تصريحات متطابقة لهسبريس.
وأصبح لازما على الدولة على الأقل بناء معهد عال أو مدرسة عليا تستجيب لانتظارات الساكنة المحلية، من أجل تخفيف عبء التنقل على التلاميذ النجباء أبناء الجهة وعبء ارتفاع المصاريف على الأسر، قال عبد المولى شهمون، والد أحد الطلبة المنحدرين من إقليم تنغير.
ويتوفر المغرب على عدد مهم من المعاهد والمدارس العليا (عمومية وخصوصية)؛ لكن جهة درعة تافيلالت لم تنل حقها من هذه المعاهد والمدارس، وطلابها يعانون مشاكل كثيرة للولوج إلى هذه المعاهد؛ وهو ما يجعلهم بعد التخرج يرفضون بدورهم الاشتغال في منطقتهم الأم، وهو ما يجب على الدولة أن تأخذه بعين الاعتبار لإنقاذ الجهة من شبح هروب جماعي للموظفين في جميع القطاعات خاصة (الصحة والتعليم العالي)، بسبب السياسات الفاشلة المعتمدة، شددت عائشة السعداوي، من ساكنة إقليم ورزازات.
وعبرت المتحدثة ذاتها، ضمن تصريحها لهسبريس، عن غضبها كباقي ساكنة درعة تافيلالت من إقصاء هذه الجهة من المعاهد والمدارس العليا إسوة بباقي جهات المملكة، مشيرة إلى أن “المغرب يسير بسرعتين مختلفتين؛ سرعة فائقة في التنمية في مدن الداخل، وسرعة بطيئة في درعة تافيلالت”.
وأوضحت المتحدثة نفسها أن جميع الأرقام والمعطيات المتعلقة بنجاح طلبة الجهة في الحصول على شهادة البكالوريا تفرض إحداث جامعة مستقلة ومتكاملة ومعاهد ومدارس عليا تستجيب لحاجيات سوق الشغل في هذه الجهة المعروفة بالسياحة والمعادن والفلاحة والطاقة الشمسية.
رد الاعتبار
لم يخف عدد من الشباب الذين حاورتهم جريدة هسبريس الإلكترونية، خلال إعدادها لهذا الربورتاج بخصوص غياب جامعة مستقلة ومعاهد ومدارس عليا في جهة درعة تافيلالت، أن هذه الأخيرة تعاني مشاكل كثيرة بسبب غياب إدارة لدى المسؤولين خاصة المنتخبين لتأهيلها ورفع التهميش عنها، موضحين أن الجميع “ينتظر الملك محمد السادس للقيام بدور المنتخب والمسؤول الإداري”.
وفي هذا السياق، أكد أحمد أوناصر، من مدينة ورزازات، أن الجهة فقيرة ومنكوبة تنمويا بالرغم من أنها من بين الجهات الوطنية التي تزخر بثروات باطنية ومؤهلات بشرية قادرة على تغيير الجهة من حسن إلى أحسن، لافتا إلى أن المنتخبين لم يقوموا بدورهم المطلوب، وما يتم إنجازه حاليا هو بتدخل من عمال الأقاليم الخمسة.
وأوضح المتحدث ذاته أنه “لولا تدخل عمال الأقاليم والبحث عن تمويلات لخلق مشاريع مختلفة لكانت هذه الجهة غير موجودة في خريطة البرامج التنموية”، مضيفا: “المنتخبون همهم الوحيد هو شد ليا نقطع ليك وخلق صراعات فارغة بينهما، غير مهتمين بالتنمية ولا بمواطني الجهة ومتطلباتهم”، مشيرا إلى أن الجهة في أمس الحاجة إلى رد الاعتبار لتأخذ مسارها الصحيح.
وطالب ابن مدينة ورزازات المنتخبين في الجهة والمجالس الإقليمية والمجالس الترابية السير بنفس سرعة السلطات الإدارية (العمالات) من أجل تحقيق نتائج مبهرة في التنمية وخلق مشاريع كبرى مهيلكة، موضحا أن سرعة السلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة في الجهة فيها فرق كبير.