تحل اليوم السبت الذكرى ـ69 لثورة الملك والشعب، التي تجسد إحدى صور الكفاح الوطني الذي خاضه المغاربة ملكا وشعبا من أجل الاستقلال.
ففي 20 غشت من سنة 1953 قامت سلطات الاحتلال الفرنسي بنفي الملك محمد الخامس بمعية أسرته إلى جزيرة كورسيكا جنوب فرنسا، ثم إلى جزيرة مدغشقر، ردا على دعمه مطالب الحركة الوطنية بتحقيق الاستقلال، ورفضه التوقيع على عدد من الظهائر التي كانت تعدها السلطات الفرنسية.
ويرى الجيلالي العدناني، أستاذ التاريخ بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح لهسبريس، أن “الرمزية السياسية والدينية والروحية لثورة الملك والشعب جد راسخة في ذاكرة الشعب المغربي والذاكرة الوطنية والذاكرة التاريخية، نظرا لكونها جاءت لتقطع مع المشروع الكولونيالي، الذي استمر من سنة 1908 إلى سنة 1930، وصولا إلى 20 غشت 1953”.
ولفت أستاذ التاريخ إلى أن “ثورة الملك والشعب ساهمت بشكل كبير في استقلال المغرب، وإن كانت معركة الاستقلال قد بدأت مع بداية الاحتفال بعيد العرش المجيد منذ سنة 1933، وما قامت به الحركة الوطنية من المطالبة بإصلاحات، فضلا عن مخرجات مؤتمر أنفا، الذي عبرت فيه بريطانيا وأمريكا عن مساندتهما لمشروع استقلال المغرب، وتقديم وثيقة الاستقلال سنة 1944، ورحلة محمد الخامس إلى طنجة وإلقائه خطابا بها سنة 1947، رغم المكائد والأحداث الدامية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء، حيث حاولت السلطات الاستعمارية منع السلطان من السفر إلى هذه المدينة”.
واستحضر المتحدث ذاته “نضال الملك محمد الخامس من أجل الاستقلال، وهو ما ظهر بشكل جلي من خلال رفضه التوقيع على مجموعة من الظهائر، وهو ما سيدفع السلطات الفرنسية إلى الاعتماد على مجموعة من القواد والسياسات الجهوية والإقليمية والإثنية”.
ومثلت “ذكرى 20 غشت” منعطفا حاسما في تاريخ النضال ضد الاستعمار الفرنسي، يضيف العدناني، “حيث اختار عدد من المقاومين والمجاهدين حمل السلاح والقيام بتفجيرات داخل المدن الكبرى، خاصة في الرباط وغيرها؛ كما تميزت هذه الفترة بالقيام بعمليات فدائية ضد المستعمر في البوادي المغربية، وهو ما أعطى انطلاقة التحام البادية بالمدينة في معركة التحرر، ما سيشكل ضغطا على السلطات الاستعمارية على المستوى العالمي، ما أسفر عن مباحثات ايكسليبان سنة 1955، التي ستؤدي إلى عودة السلطان إلى جنوب فرنسا، قبل أن يسمح له بالسفر إلى باريس، حيث سيتم عقد مجموعة من اللقاءات والمفاوضات من أجل استقلال المغرب وعودة الملك، وهو ما سيتأتى له بتاريخ 16 نونبر سنة 1955، ليتلوه خطاب 18 نونبر، معلنا عن الاستقلال السياسي للمغرب، الذي سيتأكد رسميا في 2 مارس سنة 1956”.
وشدد الأستاذ ذاته على أن “أعمال المقاومة في جميع مناطق المغرب كانت حاسمة في عودة السلطان، كما أن المظاهرات التي كانت تعم معظم المدن كانت تؤكد على الشرعية السياسية والدينية للسلطان، والروابط القوية التي تجمع الشعب بالعرش، ما اضطر الحكومات الفرنسية إلى الدخول في مفاوضات مع المغرب توجت بإعلان استقلاله”.
العدناني أكد أن “روح ثورة الملك والشعب مازالت تشكل حافزا ونبراسا لمختلف المشاريع التي يقودها الملك محمد السادس، التي كان آخرها دعوته إلى تعديل مدونة الأسرة”، مشيرا في هذا الإطار إلى “الدور الطلائعي والريادي الذي لعبته المرأة المغربية في تحقيق الاستقلال والتحرر”.
من جهة أخرى، دعا المتحدث ذاته، إلى “ضرورة توعية الأجيال المغربية الحالية بأهمية ذكرى ثورة الملك والشعب، وما يمكن أن تلعبه في مواصلة بناء مغرب التنمية والديمقراطية”، مؤكدا على “ضرورة تعريف الشباب المغربي بالتضحيات الجسام التي قدمها أجداده في التحام مع العرش من أجل نيل الاستقلال”.