احتضن مجلس المستشارين اليوم الثلاثاء 7 يونيو الجاري، ندوة وطنية بعنوان “مغاربة العالم: تعبئة جماعية وراء جلالة الملك محمد السادس لتسهيل عملية العبور”، بمشاركة وزراء من حكومة عزيز أخنوش.
وأكد النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين في كلمة تلاها نيابة عنه خليفته الأول محمد حنين بسبب غيابه لظرف عائلي، أن “تنظيم هذه الندوة الوطنية يندرج ضمن اهتمامات مكتب مجلس المستشارين بتأطير النقاش العمومي حول قضايا ذات أهمية وطنية وتستأثر باهتمام الرأي العام استنادا إلى وظائفه الدستورية وتركيبته المتميزة بالخبرة والتخصص بفضل تمثيليته لروافد متنوعة ترابية وسوسيو-مهنية ونقابية، وكون مغاربة العالم يشكلون فئة جد مهمة من أبناء هذا الوطن، لها مساهمات قيمة على مستويات اقتصادية واجتماعية مختلفة”.
وسجل ميارة أن اختيار موضوع هذه الندوة يجد مبرره في كون بلادنا تستعد بعد بضعة أيام لاستقبال أفراد جاليتنا بالعالم لقضاء عطلهم في أحضان وطنهم، ومن ثم كان من المناسب فتح النقاش حول ظروف استقبالهم هذه السنة والتدابير المتخذة لنجاح عملية “مرحبا 2022”.
وأوضح رئيس مجلس المستشارين أنه من المؤكد أن عدد الوافدين من مغاربة العالم يعرف تزايدا مضطردا من سنة إلى أخرى، ومن المتوقع أن يعرف هذا العدد خلال هذه السنة تزايدا بنسبة 4 في المائة مقارنة بسنة 2019.
ونوه ميارة إلى أن ارتفاع عدد الوافدين من مغاربة العالم يعكس درجة ارتباط مغاربة العالم بوطنهم الأم، ليس فقط الجيل الأول بل الجيلين الثاني والثالث.
ولفت المتحدث إلى أنه من شأن ارتفاع وتيرة العبور وفي فترة زمنية قصيرة أن يشكل تحديا حقيقيا لكل الفاعلين والأجهزة المعنية بعملية مرحبا، وهو ما يتطلب مزيدا من التعبئة، مشيدا في هذا الإطار بالعمل الدؤوب والجهود المستمرة المبذولة من طرف كل المتدخلين والفاعلين، خاصة منهم القوات المسلحة الملكية، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والوقاية المدنية، والقوات المساعدة، وأطر وموظفي السفارات والقنصليات، والأطر الطبية والصحية، وأطر وموظفي المطارات والموانئ، وأطر إدارة الجمارك، وأطر مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، وأطر مؤسسة محمد الخامس للتضامن، الذين يقومون بأدوار تضامنية وإنسانية طلائعية، تتميز بالحرفية والخبرة في الميدان، وهي عوامل أساسية لنجاح وتسهيل عملية العبور.
وأبرز ميارة أن الاهتمام بمغاربة العالم وقضاياهم المختلفة، يستند إلى وعي جماعي بضرورة إيجاد الحلول المناسبة لتمكين هذه الفئة من كافة حقوقها الدستورية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجعل قضاياها وتطلعاتها، سواء بدول الإقامة أو بوطنهم الأم، ضمن أولويات التدخلات العمومية بمختلف مستوياتها، باعتبار مغاربة العالم جزء لا يتجزأ من أبناء الشعب المغربي.
وأضاف قائلا: “إذا كانت بعض الفئات من إخواننا المغاربة القاطنين بالخارج قد تمكنوا في دول الإقامة من تحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعلمي أدى بعدد منهم إلى قيادة مؤسسات سياسية، وتدبير شركات اقتصادية عالمية، وتحقيق إنجازات علمية باهرة، فإن البعض الآخر مازال يعاني من مشاكل في الاندماج، وفي إيجاد الفرص المناسبة للعيش الكريم، وعرضة في كثير من الحالات للتطرف وللشبكات الإجرامية”.
وتابع بأن من شأن إدراك هذه الحقائق والوعي بالمخاطر المحدقة بهذه الفئة، خاصة مخاطر التهميش والتطرف والإجرام والتأثير على هويتهم المغربية، أن يستلزم العمل على صياغة تصورات للفعل العمومي، تغطي حاجيات كل الأجيال والشرائح من مغاربة العالم، باستحضار مختلف التحولات، وما نتج عنها من تحديات جديدة تختلف من فئة إلى أخرى، ومن جيل إلى آخر، ومن دولة إلى أخرى، وذلك وفق مرجعيات محكمة ومتكاملة.
وقدم ميارة مجموعة من المقترحات من شأنها المساهمة في النقاش حول سبل الاهتمام بقضايا مغاربة العالم وحماية هويتهم المغربية الأصيلة.
وفي هذا الصدد، دعا رئيس مجلس المستشارين إلى ملاءمة القوانين ذات الصلة بالمغاربة في الخارج، وخصوصا المتعلقة بالحالة المدنية ومدونة الأسرة، لتتماشى مع مختلف التطورات والتحديات الجديدة التي يعيشها مغاربة العالم في دول الإقامة، والعمل على رقمنة مختلف الخدمات الإدارية، سواء المقدمة من طرف البعثات الديبلوماسية أو القنصلية أو المقدمة من طرف المرافق العمومية بالمملكة، وتوفير الاستشارة القانونية الضرورية لهم، ومواكبتهم في معالجة مشاكلهم القضائية.
كما دعا إلى تكثيف البرامج الاجتماعية والثقافية والدينية التي تهدف إلى تقوية روابط الأجيال الجديدة مع وطنهم الأم، وتعزيز مقوماتهم الوطنية، من خلال شراكات حقيقية مع جمعيات المجتمع المدني الجادة، وتطوير وسائل التواصل عن طريق توظيف التكنولوجيات الحديثة، ووسائط التواصل الاجتماعي، مما سيسهل عليهم مواكبة مختلف الأوراش التنموية، وتمكينهم من عناصر الإلمام بقضاياهم الوطنية، وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية، ومدهم بآليات الترافع والدفاع حتى يكونوا خير سفراء لبلدهم في مختلف مواقعهم ببلدان الإقامة.