كل ذكريات الأفلام التي وقفت فيها فاطمة جوطان ما تزال في الأذهان، وإعلانات تقدم صورتها عنوانا للصدور، والأقراص المدمجة لأعمالها متوفرة في المحلات في شوارع الدشيرة قرب أكادير، لكن الفنانة رحلت أمس الإثنين بعد صراع طويل مع المرض.
فاطمة جوطان من الرعيل الأول للفنانات اللواتي طبعن أفلام “VCD” بجهة سوس ماسة، ولدت في مدينة الدار البيضاء وأصولها من منطقة تافراوت وسط المغرب، برزت في ما يقارب الثمانين عملا فنيا بين الدارجة والأمازيغية.
وبدأت الراحلة مشوارها مع الفرقة المسرحية لعبد الله البدوي بالبيضاء، وجسدت أدوارا في أفلام عديدة يتقدمها “مع الذئاب” و”الغرفة السوداء”، قبل أن يسطع نجمها بشكل لافت في الفيلم الناطق بالأمازيغية.
ومن أبرز الأعمال التي شاركت فيها فيلم “تاساست” و”إيركان ن دونيت” و”كار تيسليت”، تنوعت فيها الأدوار بين الخير والشر والدراما والكوميديا، تاركة أثرا جميلا في صفوف أجيال عديدة من المشاهدين.
مدرسة وموهبة
رشيد أسلال، فنان وكوميدي أمازيغي، قال إن فاطمة جوطان من بين الفنانات التي برزن خلال فترة “VCD”، وتقمصت أدوارا مهمة مختلفة تنوعت بين الدراما والكوميديا، لكنها تميزت أكثر في هذه الأخيرة.
وأضاف أسلال، في تصريح لهسبريس، أن أول عمل جمعه بالراحلة هو “أفوكو سوحوكو”، ولمس فيها التمكن ودراسة الشخصية بحنكة، ناهيك عن بعدها تماما عن صراعات الأوساط الفنية، وحكمتها.
وأوضح المتحدث أن الراحلة كانت تعاني المرض لمدة طويلة ولم تنل العناية اللازمة، متأسفا لتصويرها وكأنها فنانة محلية تعني فقط جهة سوس ماسة، وقال: “فقط المحسنون والمحبون هم من تكلفوا بفترة علاجها”.
وأشار أسلال إلى أن الفنانين يعانون من ضعف الإرشاد؛ فهم لا يعرفون حقوقهم ويظلون خارج دائرة الأضواء الحقوقية، مسجلا أن الساحة الأمازيغية فقدت فنانة موهوبة كونت نفسها بنفسها وصنعت أحداثا وتاريخا كبيرا.
إدماج مؤسساتي
عبد الله بوشطارت، فاعل مدني بمنطقة سوس ماسة، سجل أن فاطمة جوطان هي من الرعيل الأول المؤسس للسينما الأمازيغية وتميزت في عدة أصناف من المسرح والسينما والأعمال التلفزية.
واعتبر بوشطارت، في تصريح لهسبريس، أنها إلى جانب مجموعة من الأسماء لهم الفضل الكبير في تأسيس وتطوير الفنون والدراما الأمازيغية، وبفضلهم حققت تراكما كميا ونوعيا في السينما والابداع والمسرح منذ بداية عقد التسعينات.
وبالنسبة للمتحدث، فالسؤال الذي يتجدد حين يفقد المغرب وجها من وجوه الفنون الأمازيغية، هو “إلى متى سيستمر هذا الحيف والظلم الاجتماعي تجاه الفنان والفنانة الأمازيغية؟ ففي كل مرة نعيش مأساة اجتماعية حقيقية عند رحيل كل مبدع أمازيغي ونتجرع مرارة الإقصاء”.
وأردف بوشطارت بأن “الفنان الأمازيغي يعاني من إقصاء وحرمان، وعدم الاعتراف والعرفان بما يقدمه من تضحيات وإبداع في سبيل الرقي بالفنون الوطنية”، مطالبا بـ”إدماج المبدعين الأمازيغ في سياسات عمومية ومؤسساتية حقيقية قصد الاعتراف والمساواة”.