رسائل سجنية بين أديبين يضمها منشور جديد، ولو مبتورة بعرضها كتابات طرف واحد هي ما أبرقَه عبد القادر الشاوي، الروائي والمعتقل السياسي والسفير السابق، خلال تسع سنوات، لتقرأه الروائية خناتة بنونة.
صدر هذا المنشور الجديد بعنوان “رسائل السجن من عبد القادر الشاوي إلى خناتة بنونة 1976 / 1985″، وأعده للنشر بـ”الموجة” الكاتب مولاي أحمد صبير الإدريسي.
وفضلا عن بعد المأساة الإنسانية وتطبيع الإنسان مع الواقع أيّا كان، وبعد التاريخ الراهن الذي تشهد عليه الرسائل، تحضر في هذا الكتاب حياة السجن، سأَمها، حوادثها، قراءاتها، الاغتصاب، التعذيب، اللاإنسانية، الاعتقال، الإفراج، الأحلام، الواقع، الكتابات، الشعر، المشهد الثقافي والسياسي، والتمسك بالفعل في الحياة.
وبعد كل التوحّش، تحدث الشاوي عن العادة كما صار يعيشها، سجينا: “أكتب، أقرأ، أنام، والباقي معلوم”.
ويضم الكتاب رسومات لعبد القادر الشاوي، وقراءات له في كتابات ومقالات وأبحاث صدرت في أواخر سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي، ولا تغيب عنه نقاشات أو حديث أو تحيات شخصيات ثقافية مغربية بارزة، فضلا عن رسائل بين الشاوي وبنونة، في سنوات 1976، 1981، 1982، 1985، وأخرى غير مؤرخة.
وشدّت معدَّ هذه الرسائل كونها “جمعت بين قامتين تعالى انتماؤهما الثقافي على انتمائهما الإيديولوجي والسياسي”، وتابع: “الشاوي وهو يقضي فترة حكم قاسٍ بسبب انتمائه إلى يسار اليسار، يمدّ جسور التواصل في حميمية نادرة مع خناتة بنونة، ‘الفاسية الرجعية البورجوازية الاستقلالية العلّالية’…ما يؤكد مرة أخرى قدرة الثقافة على الجمع بين النقيضين والضدين، حتى تخالهما شبيهين ونظيرين”.
وكتب أحمد صبير الإدريسي أن الرسالة “كانت ومازالت دفقة شعورية طافحة بالحنين، مثخنة بالشوق، لا يحدها زمان، ولا تحجبها مسافة ولا تغلها أسوار؛ تطير مثل فراشة ربيعية متفلّتة من الضيق والضنى، تنشد أريج الحرية، وتحمل تباريح الشوق والحنين إلى اللقاء”.
وواصل الإدريسي: “لا يهم كم هي؟ صفحة.. صفحتان .. صفحات، المهم هو كم تحمل بين ثناياها من أسباب الحياة المفعمة بالشهود على اللحظة، وكم فيها من العبارات الشامخات المنتصبات لفضح جوانب مظلمة مقفرة محرقة مقرفة حد الموت، حدّ العدم، وأخرى مشرقة متلألئة مضيئة حد الأمل والحياة”.