نلتزم بما صدر عن أعلى سلطات في البلاد في عيد العرش المجيد، ولن نذكر الشقيقة الجزائر بسوء أبدا أبدا.
هذه اخلاق المغرب واخلاق ملكه واخلاق المغاربة أجمعين…
لكن ما نتابعه هو ما يتعلق بفرنسا والجزائر.. من زاوية باريس لا غير !
فالظاهر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ما كرون لم يأخذ تحذيرات وزارة خارجية بلاده مأخذ الجد، حيث أنه توجه الى الجزائر يوم الخميس، بالرغم من تحذيرات «الكي دورسيه» من أنها دولة….خطيرة.
فقد أصدرت وزاة خارجية ماكرون في يوليوز الذي ودعناه مرسوما يقسِّم العالم إلى مناطق خطيرة حمراء وأخرى برتقالية شبه مستقرة وثالثة خضراء وهي آمنة مطمئة ياتيها رزقها رغدا من الله… مثل المغرب والحمد لله!
وللحقيقة والتاريخ ، فإن الجزائر كانت دائما خطيرة ، بالنسبة للفرنسيين، في حرب التحرير الطويلة والشرسة، وفي سنوات الاستقلال الاولى، وفي سنوات الجمر والعشرية السوداء وفي غيرها، لكن الخطورة اليوم تكتسي طابعا ساخرا بشكل مفارق paradoxalement ubuesque
فالخارجية صنفتها ضمن دول لم تخطر على بال عبد المجيد تبون واصحابه،مثل افغانستان وسوريا واكرانيا والعراق ومالي والصومال …. وليبيا في آخر اللائحة.
ومن الطبيعي أنه ليس في الامر ما يرضي الجنرالات ولا رئيسهم المحتفي بوصول ايمانويل ماكرون.
وكان هذا التصنيف قبل الزيارة باسابيع
وكان من حق الفرنسيين أن يسخروا أو يمتعضوا منها لانها تبين لهم كيف أن الدولة تمنعهم من الجزائر بقرار رسمي، لا يمتثل له رئيسهم ماكرون…
ومن حقهم أن يتفكهوا، كما يفعلون من الذين كسروا التحذير الصادر عن وزارة الخارجية وأولهم كاثرين كولونا وزيرة الخارجية نفسها، اضافة الى وفد يرافق الرئيس يضم 90 شخصا، من بينهم سبعة وزراء، ضمنهم برونو لومير (الاقتصاد)، جيرالد دارمانين (الداخلية) بالاضافة إلى برلمانيين ومدراء شركات كبرى، بالاضافة إلى سارة أوراهمون، الفائزة بالميدالية الفضية في الملاكمة في دورة الألعاب الأولمبية في ريو 2016.
وكان سيرافقهم الحاخام الأكبر لفرنسا، حاييم كورسيا، وهو من عائلة يهودية مولودة في الجزائر... ولولا فحص طبي أثبت إصابته المتأخرة بالكوفيد 19 لكان ضمن الوفد هذا المساء!
الخطورة بالنسبة لإمانويل ماكرون تزداد، حقا، عندما يطلع المرؤ على جدول أعمال زيارته.
فقد أكد «الإليزيه» أن إيمانويل ماكرون سيتطرق خلال زيارته إلى قضية أوضاع حقوق الإنسان التي أثارها جزائريون مقيمون في فرنسا.. وهو قد استبق الموضوع ، والتف على صعوبته، عندما قال قصر الاليزيه إنه سيتناول الموضوع «وفق الأساليب التي سيقررها» مع «احترام سيادة» الجزائر.
ومن المتوقع أن تزداد الخطورة لما نستحضر ما يفصل البلدين من مواضيع أخرى حارقة أكثر، وفيها خلافات بنيوية، كما يتضح من خلال بيانات الاليزيه. فقد قرأنا أن الرئاسة الفرنسية أشارت إلى أن ماكرون سيتطرق «بصراحة تامة إلى تنامي نفوذ روسيا في المنطقة، لا سيما في مالي» مع الوعي الشفاف بوجود، «اختلاف في المقاربة مع الجزائر التي تربطها علاقات وثيقة مع موسكو»..!.
«الفيزا» تحرق أيضا أوراق الرئيس ايمانويل ماكرون، وسيكون عليه أن يثبت مهاراته في إطفاء الحريق الذي اشعله هو ذاته عندما اعتبر أنها… موجهة الى قيادة النظام..
لنستعد ما قاله عند استقبال شباب فرنسيين من اصول جزائرية في قصر الاليزيه في اكتوبر 2021 ..
لقد اعتبر بأن التأشيرة، التي تكشف إحدى أكبر متمنيات الجزائريين «لن يكون لها تأثير على الطلبة ومجتمع الأعمال. سنقوم بالتضييق على أشخاص ضمن النظام الحاكم الذين اعتادوا على التقدم بطلب للحصول على تأشيرات بسهولة. هي وسيلة ضغط لنقول لهؤلاء القادة إنهم إذا لم يتعاونوا لإبعاد الأشخاص الموجودين في وضع غير نظامي وخطير بفرنسا، فلن نجعل حياتهم سهلة»…
أمامه ساعات قليلة لكي يثبت للنظام هناك بأن فرنسا لم تعد منطقة خطيرة بالنسبة لعناصره.
وفي انتظار ما ستسفر عنه الزيارة، يبدو أن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند ، هو أحسن من وجد الكلمات و أفضلها، لوصف ما يقع حول الفيزا، بين دول المغرب الكبير وفرنسا.
قال الرجل الذي سبق ماكرون الى قصر الاليزيه إن قرار تقليص الفيزات كان قرارا جارحا بشكل مجاني، وان الألم الذي تسبب فيه لا جدوى منه في مراقبة الهجرة السرية، التي ادعى مواجهتها… به.
ولعل «فرانسوا» أعلم مبا يدور في خلد «ايمانويل«.. في هذا الجانب.. وسيكون من المفيد أن يعتبر بزن اعادة ربط الجسور مع عواصم المغرب الكبير خير مدخل لاستفادة فرنسا من كل هذه الدولة، وليس بصناعة المتاريس بينها.
على كل هي رسالة خفيفة في الميزان ثقيلة في المثاني.. للرئيس الفرنسي..نقول فيها :
لماذا لم تصدِّقْ «الكي دورسيه»ياسيادة الرئيس بأن الجزائر دولة خطيرة !