وأنت تتجول بين أروقة المعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي تحتضنه العاصمة الرباط في الفترة الممتدة من 2 إلى 12 يونيو الجاري، لا بد أن يشد انتباهك رواقٌ لا يكاد يخلو من الزوار.
هذا الرواق، الواقع في قلب المعرض، لا يمنعك من رؤية ما بداخله جدار أو ستار. اتخذته جمعية “إنصاف” معرضا للوحاتٍ تشكيلية، يقف أمامها الزائر متأملا ويمر عليها آخرون مرورا عابرا.
البعض مأخوذ بالفن، والبعض الآخر يتعجب من أسعار اللوحات، وأغلبهم يلتقط الصور و”السيلفيات”؛ لكن جلهم يجمعون على نبل الغاية التي يقام من أجلها هذا المعرض، فور علمهم بها.
جمع الهبات من بيع اللوحات من أجل التكفل بالأمهات العازبات والأطفال المتخلى عنهم هي غاية هذا العمل التضامني.
قالت إحدى المشرفات على المعرض: “نحن حاضرون اليوم في المعرض الدولي للنشر والكتاب في إطار مبادرة “الفن في خدمة المجتمع”، التي تقودها جمعية “إنصاف”.
ثم أردفت المتحدثة ذاتها، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، موضحة أن “كل واحد، من مئات الفنانين المغاربة، تبرع لنا بلوحة”.
“توجه نبيل من طرف الفنانين. نادرة هي مثل هذه الأفكار. هذه رؤية أبعد من المادي، وتفكير في فئات لا ينتبه إليها المجتمع”، بهذه العبارات تفاعل أحد الزوار مع فكرة وغاية المعرض.
وأضاف زائر آخر: “اللوحات جد رائعة، ووجودها هنا من أجل مساعدة هذه الفئات أروع”، ثم أكد أن “انتشال هؤلاء الأطفال من محيط ووضعية إلى أخرى سينقل الفكرة إلى الطفل ليتبناها مستقبلا ويكون صالحا للمجتمع”.
وأشارت المشرفة على المعرض بسبابتها إلى اللوحات قائلة لهسبريس: “كل لوحة تباع يستفيد منها العديد من الأطفال والأمهات العازبات، والأمهات في وضعية صعبة؛ عدد كبير من الأطفال سنوفر له الدراسة والملبس والمأوى”.
ثم أضافت شارحة: “بالنسبة للأمهات العازبات، نستقبلهن في مقر الجمعية ونعلمهن حسب رغباتهن، سواء نمكنهن من محاربة الأمية أو نعلمهن بعض الحرف مثل الخياطة والطبخ والحلاقة وغيرها. وعندما يصبحن مؤهلات مهنيا ويبدين رغبة في العمل، نساعدهن في البحث عن عمل أو القيام بمشروع، ونرافقهن لتطويره”.
أما الأطفال المتخلى عنهم أو أطفال الأمهات العازبات، فيتم، حسب المشرفة ذاتهل، توفير مأوى لهم بمقر الجمعية بالدار البيضاء، “التي تتكفل بهم من حيث الأكل والملبس والدراسة والسكن، إلى أن يحصلوا على الشواهد الدراسية”.
وزادت المشرفة أن جمعية “إنصاف” تبحث أيضا عن الأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة من أجل العمل، خاصة في صفوف الفتيات القاصرات اللواتي يشتغلن خادمات بيوت، لتعيدهم إلى مقاعد الدراسة، “بعد إقناع آبائهم”، و”تتكفل الجمعية بعد ذلك بجميع مصارفهم”.
هناك قولة تنسب إلى فينسنت فان غوخ، تقول إن “الفن هو من يساوي أولئك الذين كسرتهم الحياة”، لا أعرف في أي سياق قيلت هذه العبارة؛ لكن قد يكون هذا العمل التضامني من طرف فنانين مغاربة مع أمهات وأطفال كسرتهم الظروف الصعبة للحياة تجليا لهذه القولة.