تحدثت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن الدور الذي لعبته أزمة “كورونا” في إبراز نقاط قوة المجتمعات المعاصرة، إذ طرحت تساؤلات عديدة سيحاول رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمعرض الكتاب الإجابة عنها، من خلال “رسم لوحة جماعية عنوانها الحقوق والكرامة”.
وقالت بوعياش، في كلمة تقديمية، إنه ستتم المحاولة من خلال الرواق “تقليب وجهات نظر جاهزة وطرح تساؤلات جديدة والسفر في تشعباتها في ظل التطورات المجتمعية الحاصلة”.
وهذا نص كلمة بوعياش:
صحيح أن الأزمة الصحية، التي نتجاوزها، خلفت آثارا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وكشفت أوجه هشاشة عديدة؛ لكنها كانت أيضا نافذة لاكتشاف نقاط قوة ومقاومة بمجتمعاتنا المعاصرة.
هذه التجربة غير المسبوقة، التي كان التباعد الجسدي والاجتماعي والحجر الصحي سمة بارزة من سماتها الأساسية، فرضت إعادة تكييف في طريقة وشكل اضطلاعنا بمهامنا، بشكل لم يكن له نظير، بالنسبة لمؤسسة مكلفة بالنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها.
هي أسئلة وتساؤلات عديدة، ضمن أخرى، اجتهدنا لتدور حولها رحى فعلية الحقوق وحمايتها:
كيف نضمن الحقوق والحريات في ظل نموذج مجتمع ديمقراطي ناشئ، والعمل في الآن نفسه من أجل خروج سلمي ومتحكم فيه من هذه الأزمة الوبائية؟
كيف نواجه العزلة التي تزيد من هشاشة الأشخاص والمجموعات الأكثر هشاشة ونعزز في الآن نفسه أوجه التضامن ونستمع بشكل أفضل لمختلف المبادرات، كيفما كان مصدرها، سواء تلك المعبر عنها في “مناطق منسية”، أو المطالب المهيكلة والمنظمة على الصعيدين الجهوي والوطني؟
كيف نعيد لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان مكانتها، ليس باعتبارها إبداعا نادرا من المحتمل أن يرضي فئة قليلة من العقول المستنيرة، بل باعتبارها شرطا أساسيا يجمع بين احترام الكرامة والحق في الثقافة والديمقراطية؟
أيام قليلة بعد إصدارنا لتقريرنا السنوي برسم سنة 2021، الذي يتتبع حالة حقوق الإنسان في بلدنا خلال مرحلة بداية الخروج المتواصل من الأزمة الصحية، ارتأينا أن نحتفي طيلة أيام المعرض الدولي للنشر والكتاب بجميع أشكال تعابير الحق، من خلال توفير فضاء يليق بعرس يحتفي بالنشر والكتاب.
لقد اخترنا أن يكون رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمعرض الدولي للنشر والكتاب فضاء مفتوحا أمام جميع أشكال تعابير الحق، التي تحتضنها حيوية مجتمعنا وتعبر عنها، في تنوعها، سواء من خلال الآراء ووجهات النظر أو تعدد فئات المجتمع المعبرة عنها، مع الحرص على إشراك كتاب وفنانين وخبراء وصناع قرار وفعاليات المجتمع المدني في هذا الفضاء.
لا يمكن للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أن يدعي الشمولية برواق تعابير الحق بالمعرض الدولي للكتاب، لكننا نطمح، رفقة شركائنا المؤسساتيين والجمعويين، في حدود ما يسمح به الحيز الزمني ومساحة الفضاء، إلى رسم لوحة جماعية عنوانها الحقوق والكرامة… تخطها أنامل عروض وشهادات أعمال، تتغنى برهافة كل الأشكال الفنية وجماليتها.
لقد اخترنا أن يكون رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان فضاء مفتوحا ودامجا، تجد فيه جميع الأشكال وجميع اللغات وجميع الأصوات مكانا من أجل التعبير ومناقشة مستجدات وقضايا رئيسية يتمحور حولها عمل المجلس: حقوق الطفل، الحق في الصحة، الشباب، الحق في التعليم، الهجرات، حقوق المرأة، حرية التعبير وتكوين الجمعيات، مصالحة الذاكرة والتاريخ، التراث والتنوع الثقافي، الفضاء الرقمي والذكاء الاصطناعي، حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، عقوبة الإعدام وحقوق الإنسان…
كما سيكون رواق تعابير الحق فضاء لاحتضان إسهامات كتّاب مرموقين، حاصلين على العديد من الجوائز، تنكب أعمالهم على محاور جديدة للنهوض بالثقافات الإفريقية، تنهل من التقاليد الشفوية وتثمن اللغات الإفريقية باعتبارها تراثا يجب الحفاظ عليه، وثقافة الحكي وخلق الروابط الاجتماعية وتمتينها، باعتبارها طريقة محلية لفك النزاعات، ومن الأساليب المبتكرة لتداول وتوفير روافد ثقافية وإيصالها إلى جمهور غير قريب من مركزها.
طيلة أيام المعرض الدولي للنشر والكتاب، لن نسعى إلى الغوص في أسئلة تطرح وتقاسم عناصر التشخيص فقط؛ بل سنحاول داخل هذا الحيز تقليب وجهات نظر جاهزة وطرح تساؤلات جديدة والسفر في تشعباتها في ظل التطورات المجتمعية الحاصلة. هدفنا تجديد ترافعنا وإرساء أسس ممارسات جديدة في خدمة النضال من أجل المساواة واحترام حقوق الإنسان.
على أمل أن ينير نبراس هذه اللوحة الجماعية لتعابير الحق، بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، مسار ترسيخ فعلية الحقوق.