أمرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بفرض تدابير مؤقتة في قضية المغربي إبراهيم سعدون ضد روسيا وأوكرانيا (الطلب رقم 28944/22)، بشأن مواطن مغربي وعضو في القوات المسلحة الأوكرانية استسلم للقوات الروسية خلال الأعمال العدائية الأخيرة.
وحُكم على الطالب المغربي منذ ذلك الحين بالإعدام في ما تسمى “جمهورية دونيتسك الشعبية”.
وأوضحت المحكمة على وجه الخصوص لحكومة الاتحاد الروسي، بموجب المادة 39 من لائحة المحكمة، أن عليها ضمان عدم تنفيذ عقوبة الإعدام التي فرضت على المدعي، وضمان الظروف المناسبة لاحتجازه، وتزويده بأي مساعدة طبية وأدوية لازمة.
أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام الزائر بالمعهد الدولي لحقوق الإنسان ستراسبورغ- فرنسا، يؤكد على أهمية إصدار مثل هذه التدابير الاحترازية العاجلة من قبل أعلى هيئة قضائية حقوقية لمجلس أوروبا.
كما يؤكد سلامة، في تصريح لجريدة هسبريس، على التزام روسيا الفيدرالية، الدولة العضو في المحكمة حتى تاريخ 16 شتنبر 2022، وهو تاريخ نفاذ الانسحاب الروسي من المحكمة، بكافة الأحكام القضائية والأوامر المؤقتة التي تصدرها، مثل الأمر الذي صدر مؤخرا لصالح إبراهيم سعدون.
وبخصوص عدم امتثال روسيا الفيدرالية للأمر القضائي الملزم الذي صدر عن المحكمة، يقول المتحدث: “من شأن رفض روسيا أن يضعها في موقف جد خطير أمام المجتمع الدولي، خاصة بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي في مارس الماضي أمرا قضائيا ملزما بتدابير احترازية مؤقتة تقضي بضرورة انسحاب القوات الروسية من أوكرانيا، وكف روسيا الفيدرالية عن مساعدة الميليشيات الانفصالية في أوكرانيا”.
ولا يستبعد سلامة أن تنتهي “حرب محاكمات أسرى الحرب بين روسيا وأوكرانيا” في ظل صفقة سياسية بين البلدين، تمهيدا لإنهاء الحرب وإبرام معاهدة سلام بينهما، وقال إن روسيا الفيدرالية هي الدولة المسؤولة عن العدوان في أوكرانيا، وهي أيضا الدولة الآسرة لسعدون، بموجب اتفاقية جنيف الثالثة لمعاملة أسرى الحرب عام 1949، وهي دولة طرف في الاتفاقية.
وشدد المتحدث ذاته على أن “روسيا الفيدرالية ارتكبت جريمة حرب جسيمة بنقل أسير الحرب في حوزتها وتحت سلطتها إلى كيان انفصالي في أوكرانيا، فيما سبق للعدل الدولية أن أصدرت في مارس هذا العام أمرا عاجلا بتدابير احترازية مؤقتة بمنع كافة أشكال التعاون مع الميليشيات المسلحة الانفصالية في أوكرانيا”، كما أورد أن “روسيا الفيدرالية هي الدولة السيدة، بل العظمى، التي تخاطبها كافة مؤسسات الأمم المتحدة وتحملها المسؤولية الدولية في أوكرانيا”.
وأضاف الأستاذ ذاته أن “روسيا الفيدرالية، وبموجب قواعد المسؤولية الدولية، مسؤولة مسؤولية شاملة ومباشرة عن السيطرة الفعلية (العملياتية) على كافة الميليشيات المسلحة الانفصالية في أوكرانيا منذ حرب القرم عام 2014″، واستطرد قائلا: “الكيانات الانفصالية في أوكرانيا ليست إلا proxies عميلة بالوكالة لروسيا، تنفذ الأوامر العليا الروسية وحسب، ولا تحظى في القانون الدولي إلا بسلطة أمر واقع de fecto، لا تنازع أو تتخطى سلطة القانون de Jure التي تتمتع بها دولة أوكرانيا على كل ترابها الإقليمي”.
وتبقى للمُلاحق أمام محكمة الإقليم الانفصالي في أوكرانيا إبراهيم سعدون فرصة شهر للطعن في القرار القضائي الذي صدر بإعدامه بعد أن أدانته المحكمة، وفقا لعقيدتها، بعدد من التهم؛ ويبقى أيضا للمحكمة أن تضمن كافة حقوقه بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وفق المتحدث ذاته.