قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن تعزيز دور قضاة النيابة العامة في توفير حماية ناجعة للمرأة انشغال أساسي دائم لكافة أطياف المجتمع من أجل إعادة الاعتبار للمرأة وضمان مساواتها بالرجل واضطلاعها بالأدوار نفسها للإسهام في التنمية.
وأضاف الداكي، خلال أشغال دورة تكوينية لفائدة المسؤولين القضائيين نظمتها الخميس بمدينة طنجة رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا وبدعم من الاتحاد الأوروبي حول موضوع “تعزيز دور النيابة العامة من أجل توفير حماية ناجعة للمرأة ضحية العنف”، أن هذا الموضوع بالغ الأهمية لكونه يستجيب للتوجيهات الملكية الرامية إلى تعزيز المركز القانوني للمرأة في المجتمع.
واستحضر الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة نص الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في الدورة الـ61 لمؤتمر النساء رئيسات المقاولات العالمية بمراكش، والتي جاء فيها: “واصل المغرب، وبخطوات حثيثة وعقلانية، مسيرته على درب تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، ولاسيما بالعمل على التطبيق الأنجع لأحكام مدونة الأسرة التي منحت المرأة وضعا يحفظ لها كرامتها ويضمن لها العدل والإنصاف. وفي إطار تشبثنا بهذا المسار حرصنا على الترسيخ الدستوري للمساواة بين الرجل والمرأة بمناسبة التعديل الذي عرفه دستور المملكة الذي صادق عليه الشعب المغربي على أوسع نطاق في شهر يوليوز 2011″، وفق الرسالة الملكية.
وأوضح الداكي أن حماية المرأة تعد من أولويات تنفيذ السياسة الجنائية، وذلك من خلال تفعيل مختلف القواعد الإجرائية والموضوعية التي يتضمنها القانون الوطني؛ وفي مقدمتها القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي بادرت رئاسة النيابة العامة فور صدوره إلى توجيه منشور إلى النيابات العامة لدى المحاكم، تحثهم من خلاله على ضرورة تفعيل المستجدات التي تضمنها، والحرص على حسن تطبيقه، وتحديد الإشكاليات التي تتعلق بفهم أحكامه، من أجل حماية أفضل وأنجع للنساء.
وشدد المتحدث ذاته على أن هذه الظاهرة تعرف نوعا من عدم الاستقرار من حيث عدد القضايا المسجلة على المستوى الوطني والتي بلغت خلال سنة 2021 حوالي 23879 قضية، داعيا كافة المتدخلين في الموضوع إلى مضاعفة الجهود بهدف تطويق كل الأسباب المؤدية إلى هذا العنف وفي الوقت ذاته مواجهة المتورطين فيه بكل صرامة وبما يلزم من جزاءات قانونية.
وأبرز الداكي أن منظور رئاسة النيابة العامة للعنف ضد المرأة والفتاة متسع، ويشمل كذلك موضوع زواج القاصر بوصفه انتهاكا لحقوق الفتاة يحرمها من حقها في النمو السليم ويعترض سبيل بناء شخصيتها المستقلة، مستحضرا توجيه دوريات عديدة للنيابات العامة تحثها على اليقظة تجاه طلبات زواج القاصر والحرص على احترام الشروط التي فرضها المشرع لقبول هذا الزواج، وعدم التردد في التماس رفض الطلب متى تنافى مع المصلحة الفضلى للقاصر.
ودعا الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة المشاركين في هذا اللقاء العلمي إلى استثمار أشغاله لتعميق النقاش حول مختلف المحاور والمداخلات والنقاط التي ستطرح خلاله؛ وذلك بهدف توحيد الرؤى والتوجهات والتوافق حول أنجع السبل لتحقيق تكفل ناجع بالنساء ضحايا العنف.
كما طالب المشاركين باستحضار ما يزخر به القانون المغربي من إمكانيات تفسح المجال للانتصار للحقوق الإنسانية للمرأة والاضطلاع بالمسؤوليات التي جعلها المشرع على عاتق كل المعنيين بهذا الموضوع، سواء من خلال الدور المتمثل في تدبير الدعوى العمومية أو من خلال رئاسة اللجن المحلية والجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف.
يشار إلى أن الدورة التكوينية تأتي استمرارا لمجهودات رئاسة النيابة العامة لتعزيز قدرات قضاة النيابة العامة وانفتاحهم على مقاربة حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق المرأة بصفة خاصة، وتهدف إلى تمكين المسؤولين القضائيين من تعزيز معارفهم حول المعايير الوطنية والدولية في موضوع العنف ضد المرأة ومناقشة مضامين البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف. كما يطرح هذا اللقاء للنقاش موضوع زواج القاصر وآثاره السلبية على الحياة الخاصة للقاصر، ويعرض مضامين اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد النساء والعنف المنزلي (اتفاقية إسطنبول) وغيرها من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، فضلا عن التعريف بالاجتهادات القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وكذا الممارسات الجيدة ببعض الدول الأعضاء بمجلس أوروبا والبرامج والآليات الملائمة.