كشفت أبرز مؤشرات المذكرة الشهرية الصادرة عن الخزينة العامة للمملكة لإحصائيات المالية العمومية، إلى حدود متم شهر يوليوز الماضي، عن استمرار ارتفاع تكاليف صندوق المقاصة من مجموع المصاريف العادية ضمن الميزانية العامة للدولة للسنة المالية الجارية، إضافة إلى ارتفاع مداخيل الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد وزيادة مداخيل رسوم التسجيل والتمبر وكذا ارتفاع إيرادات الضريبة الداخلية على الاستهلاك (TIC) بالنسبة للمنتجات الطاقية وعلى التبغ المصنع ومواد أخرى.
رسوم تنعش المداخيل
حسب معطيات أوردتها مذكرة خزينة المملكة برسم شهر يوليوز المنقضي، توصلت بها هسبريس، فقد ارتفعت مداخيل الرسوم الجمركية بنسبة 23,4 في المائة، ومداخيل الضريبة على القيمة المضافة عند الاستهلاك بحوالي 34 في المائة؛ في حين سجلت إيرادات الضريبة الداخلية على استهلاك المنتجات الطاقية زيادة بـ2,8 في المائة، لتصل 137 مليون درهم عند نهاية يوليوز 2022 مقابل 33 مليون درهم عاما قبل ذلك التاريخ، مع الأخذ في الاعتبار المبالغ الضريبية والإعفاءات المستردة.
من جانبها، سجلت مداخيل الضريبة على الاستهلاك الداخلي لمنتجات التبغ المصنع ارتفاعا بـ16,2 في المائة، في وقت حققت فيه إيرادات باقي الرسوم على مواد أخرى زيادة بنسبة 21,2 في المائة.
النتائج الضريبية المحققة نتجت، وفق المذكرة ذاتها، عن “زيادة الإيرادات الجمركية الصافية” بنسبة 24.9 في المائة، مع الأخذ بعين الاعتبار المبالغ المستردة والإعفاءات الضريبية، لتبلغ 173 مليون درهم في نهاية يوليوز الماضي مقابل 50 مليون درهم في الفترة ذاتها من العام السابق.
وبلغت رسوم التمبر والتسجيل 11 ألف مليون درهم بنهاية يوليوز 2022 مقابل أكثر من 9 آلاف مليون درهم في العام السابق، بنسبة زيادة 15.1 في المائة، بمبلغ ناهز 1500 مليون درهم؛ في حين سجلت الإيرادات غير الضريبية ارتفاعا في المجمل بنسبة 12.9 في المائة.
تكاليف المقاصة
أظهرت إحصائيات المالية العمومية أن التكاليف والمصاريف التي تتحملها خزينة المملكة شهدت ارتفاعا إجماليا بـ12,4 في المائة؛ إثر تسجيل ارتفاع الإنفاق على السلع والخدمات بنسبة 5.9 في المائة، ونتيجة زيادة نفقات الموظفين بنسبة 3.7 في المائة و10.6 في المائة في ما يتعلق بنفقات أخرى على السلع والخدمات.
كما كان لافتا، في هذا الصدد، استمرار تكاليف صندوق المقاصة في منحاها المستمر منذ اندلاع الصراع في أوكرانيا وتضخم الأسعار العالمية بتحقيقها زيادة فاقت 165 في المائة.
وعزت المعطيات ذاتها وضعية النفقات إلى زيادة المبلغ الإجمالي لاسترداد ضريبة القيمة المضافة الداخلية وعلى الواردات (بما في ذلك الحصة التي تتحملها الجماعات الترابية) ما قدره 7 آلاف و353 مليون درهم عند متم الشهر الماضي مقابل 5 آلاف 409 ملايين درهم في نهاية يوليوز 2021.
عجز الخزينة
معطيات المذكرة ذاتها كشفت عن تسجيل الخزينة “رصيدا عاديا سلبيا” خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2022، قدره 420 مليون درهم مقابل رصيد عادي سلبي قدره 10 آلاف و495 مليون درهم في الفترة ذاتها في العام الذي قبله.
وعلى الرغم من الرصيد الإيجابي المحقق من طرف الحسابات الخصوصية للخزينة ومصالح الدولة المسيرة بصفة مستقلة بمبلغ 30,5 مليارات درهم، مقابل 10,1 مليار درهم في العام الذي قبله؛ فإن عجز الخزينة الإجمالي تجاوز 16 مليار درهم عند نهاية يوليوز 2022، لينخفض مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية (39,5 مليارات درهم).
اضطراب دولي
وضمن قراءته لأبرز المؤشرات المتضمنة في مذكرة الخزينة العامة للمملكة، قال الطيب أعيس، الخبير المالي والاقتصادي، إن “استمرار تكاليف مرتبطة بصندوق المقاصة في منحاها التصاعدي كان متوقعا ويعد طبيعيا في سياق دولي مضطرب مرتبط باستمرار تداعيات الصراع في أوكرانيا على ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، لا سيما القمح والغاز باعتبارهما يحظيان بدعم مباشر من الدولة في إطار صندوق المقاصة”.
ولفت الخبير الاقتصادي ذاته، ضمن تصريح لهسبريس، إلى بلوغ المقاصة حجم مصاريف يتجاوز 31 مليار درهم، مؤكدا أنها انتقلت من 15 مليار درهم في السابق، منبها إلى أن ذلك “يزيد من إثقال كاهل توازن المالية العمومية في الشق المتعلق بالمصاريف العامة”.
وفسر أعيس ارتفاع المداخيل العامة إلى حدود متم يوليوز الماضي بـ”دور كبير لعبته الزيادة في الرسوم والإيرادات الجمركية، أو تلك المتعلقة بضريبة الاستهلاك الداخلية أو عند الاستيراد”، موضحا: “على الرغم من الاحتفاظ بنفس الكميات من الاستيراد، فإن قيمة وثمن المنتجات شهد زيادة عالمية عادت بالنفع والتأثير الإيجابي في مداخيل خزينة المملكة”.
وخلص المتحدث إلى أن “ارتفاع الضريبة على الشركات يعزى، في جزء كبير منه، إلى تحويل معظم الأرباح ورقم المعاملات إلى السنة الحالية أو التي قبلها نظرا للانكماش الاقتصادي لعام 2020″، مسجلا أن الضريبة على الدخل لم تسجل إلا “زيادة طفيفة” في هذا الصدد بحكم عدم ارتفاعها بشكل كبير في السنوات الأخيرة.