تأثر المقاولون الذاتيون بشكل كبير بتداعيات جائحة “كوفيد-19″، وعرف هذا القطاع انتكاسة غير مسبوقة؛ إذ إن أغلب المقاولين الذاتيين توقفوا عن مزاولة أنشطتهم وأصبحوا في خانة العاطلين عن العمل بعدما كانوا يساهمون في خلق فرص الشغل، بالإضافة إلى مواجهتهم مشاكل ترتبط بمحيط الأعمال الذي يشتغلون في ظله، حيث برزت مجموعة من النواقص، منها ما يرتبط بعدم معرفتهم بضرورة التصريح برقم المعاملات.
التضخم العالمي الذي عرفته العديد من المواد الأولية كالحديد، الألومنيوم، النحاس، الزجاج والإسمنت، بالإضافة إلى الارتفاع المهول في أسعار المحروقات، أمر أثر أيضا بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج لدى هذه الفئة من المقاولين من جهة، وعلى القدرة الشرائية للمواطنين من جهة أخرى، وبالتالي ضعف الطلب على خدمات المقاولين الذاتيين. وعليه، فإن رقم معاملتهم عرف تراجعا ملحوظا خلال السنتين الماضيتين، بحسب إفادة الباحث في الاقتصاد محمد جدري.
وقال جدري إن تعميم الحماية الاجتماعية لتشمل كذلك المقاولين الذاتيين، “من شأنه تشجيع فئة عريضة يمكنها أن تلتحق بالقطاع المهيكل”، كما شدد على ضرورة سن الحكومة ثلاثة إجراءات فورية.
الأول هو رفع رقم المعاملات إلى مليون درهم بالنسبة للصناعة، التجارة والحرف، وإلى نصف مليون درهم بالنسبة للخدمات، يورد جدري الذي أكد من جانب آخر ضرورة السماح بتشغيل شخص أو شخصين إضافيين، خصوصا بالنسبة للقطاع الصناعي، التجاري والحرفي.
وأكد الاقتصادي ذاته “ضرورة سن قوانين وتشريعات تخص أفضلية المقاولين الذاتيين في الطلبيات العمومية، ومطالبة المقاولات المتوسطة والكبرى المستفيدة من الطلبيات العمومية بأن تمنح حصة للمقاولين الذاتيين عند الحاجة”.
وفي السياق نفسه، تقدم الفريق الحركي بمجلس النواب بمقترح قانون من أجل تجويد نظام المقاول الذاتي عبر الرفع من رقم الأعمال السنوي، وكذا السماح للمقاولين الذاتيين بالمشاركة في الطلبات الخاصة بالصفقات العمومية، بالإضافة إلى تخفيض الضريبة التي أقرتها مصلحة الضرائب بتأدية القيمة الضريبية على الدخل على أساس رقم المعاملات المصرح به، وتنحصر نسبتها بين 0.5% بالنسبة للأنشطة الصناعية التجارية والحرفية و1% بالنسبة للخدمات.
ويقصد بالمقاول الذاتي في مدلول مقترح القانون الذي توصلت به هسبريس، “كل شخص ذاتي يزاول بصفة فردية نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا فلاحيا أو يقدم خدمات، ولا يتجاوز رقم الأعمال السنوي المحصل عليه 750.000 إذا كان النشاط الذي يمارسه يندرج ضمن الأنشطة الصناعية أو التجارية أو الحرفية أو الفلاحية، و500.000 درهم إذا كان نشاطه يندرج في إطار تقديم خدمات”.
وتحدد قائمة الأنشطة الصناعية والتجارية والحرفية والفلاحية وقائمة الأنشطة المعتبرة خدمات بنص تنظيمي.
واعتبر مقترح القانون إقصاء المجال الفلاحي في نظام المقاول الذاتي بمثابة إقصاء فئة عريضة من المقاولين الفرديين الذين يمتهنون تربية الحيوانات في ظل التعاونيات أو في إطار فردي، كما شدد نواب الحركة الشعبية على أن الرفع من رقم المعاملات السنوي الأقصى سيسمح بإضافة حرف جديدة.
وحول المطالبة بإمكانية مشاركة المقاول الذاتي في الطلبيات الخاصة بالصفقات العمومية، أورد المقترح ذاته أن هذا التعديل “يقتضي ضرورة تحديد نسبة من صفقات الأشغال العمومية للمقاولين الذاتيين، حيث إن ذلك سيسمح لهم بالولوج إلى مشاريع تتيح لهم تطوير مجالات اشتغالهم وتوسيعها”.
يذكر أن الحكومة قامت سنة 2015 بإقرار قانون نظام المقاول الذاتي رقم 114-13، كما تم إقرار نظام ضريبي للمقاول الذاتي خرج إلى الوجود مع قانون مالية 2014، الغاية منه محاربة الهشاشة بين أوساط الفئات النشطة وإدماج الأنشطة غير المهيكلة في النسيج الوطني الاقتصادي المهيكل حتى يستفيد من المزايا القانونية، والاجتماعية، والجبائية، والولوج إلى التمويلات المتاحة، فضلا عن تقليص البطالة، خصوصا بين أوساط الشباب وحاملي الشهادات، وتشجيع المبادرة المقاولاتية.