احتضنت جامعة القاضي عياض بمراكش محاضرة حول موضوع “صحة المسير بين إستراتيجية المقاولة الصغرى والمتوسطة وأدائها الاقتصادي”، من تأطير البروفيسور أوليفييه توريس، وذلك بحضور جمهور واسع يضم أساتذة باحثين وطلبة ورجال أعمال ومهتمين.
وافتتحت المحاضرة بكلمة المنظم الدكتور نوفل غيفي، الذي تطرق في معرض حديثه إلى المسار العلمي الحافل للأستاذ أوليفييه توريس كمتخصص في مجال المقاولات الصغرى والمتوسطة، وباحث رائد في مجال صحة المسير.
وأشار الدكتور غيفي إلى أهمية موضوع المحاضرة الذي ظل إلى عهد قريب من المواضيع الشائكة والمسكوت عنها، ويدخل في الوقت نفسه في صلب أبحاث المختبر.
من جانبه أشار الدكتور أوليفييه توريس إلى أهمية ومكانة المقاولات الصغرى والمتوسطة (مقاولات تضم ما بين 1 إلى 250 أجيرا) في جميع اقتصاديات العالم، مبرزا أن هذه المقاولات تمثل نسبة 99.84 في المائة بفرنسا، وتظل هذه النسبة في المغرب مهمة أيضا.
وأضاف المتحدث أنه “رغم ذلك فإنه نادرا ما يتم إدراج المقاولات الصغرى والمتوسطة في التحليلات العلمية والنظريات الاقتصادية والتدبيرية، فإلى يومنا هذا مازال الحديث متواصلا عن Fordisme، Taylorisme وUbérisation، أخذا بعين الاعتبار الشركات الكبرى (Ford, Toyota, Uber) كنموذج”.
وأوضح المحاضر ذاته أن “وزن لـGAFAM المهمين في وسائل الإعلام والانشغالات الاقتصادية والسياسية يزكي الانطباع السائد بكون الشركات الكبرى هي المهمة فقط، في حين يمكن القول إن التجار والحرفيين، والمزارعين، وأصحاب المهن الحرة وأرباب الشركات الصغرى والمتوسطة، هم إلى حد كبير أكثر عددا والأكثر إسهاما في توفير مناصب الشغل في جميع بلدان العالم”.
ومن أجل هذه الغاية، صب الباحث ذاته اهتمامه لما يفوق 12 سنة على موضوع صحة أرباب الشركات، على اعتبار أن هذه الأخيرة مصدر للعمل والثروة، لكن النتائج تظل متباينة.
من جهة أخرى، أظهرت أبحاث مرصد AMAROK أن ريادة الأعمال مفيدة للصحة، “على اعتبار أن العمل كرائد أعمال، أو للحساب الشخصي، يؤدي بمرور الوقت إلى تطوير سمات مثل التفاؤل، والتحمل، وتقدير الذات والقدرة على التأقلم؛ وهي سمات شخصية تتميز بفضيلة كونها إيجابية للصحة، ويسميها الخبراء بالعوامل الصحية، أي إنها مفيدة للصحة”.
وحذر البروفيسور توريس رواد الأعمال من الميل نحو الاستنزاف، لكونهم يعملون لساعات أكثر مقارنة مع بقية الساكنة النشيطة. وفي السياق ذاته، بينت أبحاث AMAROK أن أرباب الشركات يقللون من مقدار الوقت المخصص للنوم، فهم ينامون أقل للعمل أكثر، ويجعلون من نومهم متغيرا معدلا لعملهم، ما يؤدي مع مرور الوقت إلى التعب المزمن.
“لكن هذا الالتزام المفرط قد يؤدي في بعض الأحيان إلى السقوط والاحتراق المهني، على اعتبار أن غياب المسير في الشركات الصغيرة جدًا يمكن أن يؤدي بشدة إلى إعاقة تطويرها”، وفق المصدر ذاته.
وأبرز المحاضر ذاته أن “صحة المسير هي أول رأسمال غير مادي للشركة صغيرة الحجم”.
يشار إلى أن الباحث الفرنسي وفريقه، بقيادة الدكتور bernard Augustin، يعملون على إنشاء مرصد في المغرب، حيث تم إجراء العديد من الاتصالات مع باحثين مغاربة رفيعي المستوى، بالإضافة إلى شبكات أصحاب العمل الوطنية (CJD Maroc…).