تسارع الحكومة المغربية الزمن لاتخاذ تدابير وإجراءات مستعجلة من شأنها التخفيف من التداعيات السلبية لموسم الجفاف، والحيلولة دون انقطاع الماء الصالح للشرب عن عدد من المدن المغربية.
وتسعى الحكومة إلى تسريع وتيرة البرنامج الذي وضعه الملك برسم 2020-2027، أي إنجاز السدود. وفي هذا الصدد، أعدت وزارة التجهيز والماء خطة تتضمن إنجاز 27 سدا في أفق سنة 2027؛ وهو ما سيرفع حجم تخزين المياه من 19 مليار متر مكعب إلى 24 مليار متر مكعب، فضلا عن إنجاز عدد من محطات تحلية مياه البحر.
ويبدو أن هذه الخطة الطموحة تواجه عددا من التحديات والإكراهات التي قد تعرقل تنفيذها.
هذه التحديات والإكراهات، حددها نزار بركة، وزير التجهيز والماء، خلال اجتماع مع لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن في مجلس النواب، في تأثير الحرب الأوكرانية الروسية، وصعوبة توفر واقتناء واستيراد التجهيزات والموارد الضرورية لتنفيذ المشاريع.
وأشار وزير التجهيز والماء إلى أن الظرفية الاستثنائية ستؤثر على التزام الحكومة بتنفيذ المشاريع المسطرة في الآجال المحددة.
وكشف بركة أن الارتفاع الاستثنائي لأسعار المواد الأولية المستعملة في أوراش البناء ومد القنوات وتجهيزات الضخ دفع بعض الشركات إلى طلب فسخ عقود الصفقات المبرمة.
من جانبه، سجل محمد ملال، رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن، في تصريح لهسبريس، أن الارتفاع الاستثنائي لأسعار المواد الأولية المستعملة في إنجاز الأوراش المائية لا ينبغي أن يكون عائقا أمام إنجاز المشاريع الضرورية لتجنيب المغرب كارثة حقيقية.
ولفت ملال إلى أن عددا من المدن المغربية الكبرى، من بينها مدينة الدار البيضاء، مهددة بانقطاع الماء إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الضرورية.
ودعا النائب البرلماني المنتمي إلى الفريق الاشتراكي الحكومة إلى إعلان صفقات جديدة من شأنها تمكين المقاولات من الوفاء بالتزاماتها.
وأضاف المتحدث ذاته أن المقاولات الوطنية التي تشتغل في قطاع الماء تم إنهاكها على مدى سنوات بسبب تأخر الحكومة في أداء مستحقاتها؛ وهو ما جعلها غير قادرة على اقتناء المواد الأولية، مبرزا أن الحكومة قد تضطر إلى فتح الباب أمام مقاولات أجنبية من أجل إنجاز المشاريع المبرمجة.
وسجل رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن أن وضعية حقينة السدود كارثية، حيث تقلصت في بعض المناطق إلى 5 في المائة.
واعتبر ملال أن “ما نعيشه اليوم هو نتيجة التخبط والارتباك الذي حصل في انجاز مجموعة من مشاريع المخطط الوطني للماء”، لافتا إلى أن “مواكبة هذا المخطط لم تكن بالمستوى المطلوب”.
وأضاف: “الطلب على الماء في المغرب ازداد في السنوات الأخيرة بشكل كبير، نتيجة ارتفاع نسبة التمدن والرفاهية ومستوى العيش مقابل ضعف الحكامة في تدبير هذا القطاع وضعف التنسيق على المستوى الوطني”.
وتابع: “اليوم نعيش وضعية كارثية، والحكومة جاءت ببعض الحلول لكنها لن تفي بالغرض”، معتبرا أن القيام بحملات تحسيسية من أجل المحافظة على الماء شيء مهم؛ لكنه لن يأتي بنتائج سريعة، داعيا إلى مواصلة إنجاز محطات تصفيات المياه العادمة وتحلية مياه البحر.
كما دعا ملال إلى ضرورة مراجعة أساليب السقي، واعتماد الصرامة في مواجهة أصحاب الآبار غير المرخصة التي استنزفت الفرشة المائية.
إلى ذلك، دعا ملال الحكومة إلى مواصلة خطاب الوضوح مع المواطنين حول هذا الموضوع الحساس، منوها في هذا الصدد بتفاعل وزير التجهيز والماء مع طلبات البرلمان من أجل مناقشة الموضوع، كما دعا المواطنين إلى ضرورة الوعي بالخطر الذي يهدد المغرب جراء نقص المياه وتوالي سنوات الجفاف.