لا شك أن المتتبعين للشأن الرياضي الناظوري، ستسُود في أوساطهم حالة عارمة من السّخط والتّذمر إزاء ما بات يتخبط فيه بالآونة الأخيرة فريقٌ كبير بحجم “فتح الناظور”، مما جعله يُواجه بمفرده مصيرا مجهولا ومضبّبا في ظل أزمته الراهنة المفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها احتمال العصف بتاريخه وأمجاده وبريقه والإجهاز على إنجازاته ومكاسبه التي بصم عليها بنجاح وتميّز، لِما يربو عن 16 سنة، منذ التأسيس تحديدًا.
قد نسلّم جدلاً – لو شئتم – بأنّ ثمة مشاكل جمّة طفت على سطح البيت الداخلي للفريق الناظوري، وقد نقّر تجاوزاً بأن أصابع الإتهام يجب توجيهها صوب كل من تحوم حوله الشبهة، وقد نعترف ضمنيا بأن المسؤولية ينبغي تحديدها وتوزيعها على كلّ من هـو مُدان بالفعل، بلا ريب وبلا جدال، لكن الظرفية الحالية التي يمر منها “الفتح” تتخذ بُعـدا راهنيا واستعجاليا أكثر مما نتصوّر يا سادة.
وبصيغة أخرى لعلها أكثر وضوحا وسداداً، الوقت يا سادة لا يتسع حيِّزه ولا يترك مجالا من أصله، لإخضاع أحدِ للمحاسبة ولا لتوجيه سهام النقد ولا للجدال حتى، بقدر ما تستدعي الظرفية الراهنة حلحلة آنية للمشكلة ولا شيء آخر سوى حلحلة المشكلة آنيا، بعيدا عن أية مزايدات جانبية، بغية إخراج “الفتح” من عنق الزجاجة لا غير، وإرجاع قاطرته إلى السكة بصورة مستعجلة، على اعتبار أن “فتح الناظور” يجب أن يتم التعامل معه من منطلق أنه بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة وهـو في حالة احتضار بقسم الإنعاش، مما يستلزم مباشرةً تدخلا مستعجلا، بلا مغالاة في القول، ولا مبالغة في التوصيف.
ولمن لم يتبيَّن بعدُ حقيقة وطبيعة المأزق الذي يعيش على وقعه البيت الفتحاوي الآيل لإنهيار محتمل ووشيك خلال الأيام القليلة المقبلة، فإن ستة من الأعمدة المتينة والركائز الأساسية التي قام عليها صرح “الفتح” طيلة أعوام مديدة، أعلنوا خلال الجمع العام الأخير لمكونات الفريق، استقالة جماعية في خطوة غير مسبوقة، أسفرت عن زلزلة وخلخلة التركيبة الفتحاوية وأحدثت شرخا كبيرا على مستوى دفّة التسيير والقيادة، ما أفقد السفينة الفتحاوية بوصلتها، وهكذا أصبحت السفينة قاب قوسين من الغرق، عقب قرار كان ولا شك صادما بالنسبة لأنصار ومحبّي الفريق بخاصة، ومُفاجِئا للمراقبين والمتتبعين للمشهد الرياضي بالإقليم عامةً، وسط تزايد المخاوف من المآل والمصير المجهول للفريق..
والحال أنّ الاِستقالة الجماعية لكلّ من “رئيس الفريق صلاح عالو؛ ونائبه الثاني محمد بورعدة؛ وأمين المال محمد الرمضاني؛ ونائبه محمد أوفقير؛ والمستشاران محمد عالو وحسن كلابيلي”، سواء إتفقنا مع قرارهم أم لا، وسواءً عرفنا تحديداً خلفيات إتخاذه هكذا بشكل فجائي أم جهلنا حيثياته، فإن القرار الذي لا نملك سوى أن نحترمه، شكّل السبب الرئيسي والمباشر في وضع الفريق المذكور، أمام انعطافة خطيرة وأدخلته النفق المسدود..
وختاما، إن التساؤل الحارق والمُلّح الذي يطرح نفسه الآن تلقائيا، بوصفه “مفتاح حل العقدة” الذي نرجوه آنيا ومستعجلا، هو هل ثمة حقّا في الإقليم بأسره من منقذٍ يمتلك الشجاعة الكافية ليُشهر عن نفسه كبطل لإنقاذ فريق الفتح الذي بات على وشك الغرق ويستغيث بأبنائه الناظوريين..؟ وهل من رجلٍ فينا كأبناء لـ”ناظورنا” يعمل على إخراج الفتح من عنق الزجاجة حتى يعود زئيرها إلى عقر الملاعب..؟ وباختصار، هل هناك في الناظور من أبناء آخرين بررة على شاكلة الأعمدة المذكورين آنفا، لتوّلي مهمّة حمل مسؤولية الفريق على غرار هؤلاء، بنفس المسؤولية والالتزام والغيرة وحرق الأعصاب ونكران الذات..؟
أم قد يفرض علينا الواقع المزري جميعا، في ظل انعدام كل الحلول، أن نتعبأ قاطبة كغيورين ومحبين للتوليفة الفتحاوية، لكي نتوحّد على كلمة سواء، من أجل ثنيّ هؤلاء “المستقلين” على خطوتهم للعدول عن قرارهم، كحلّ لم يتبقى من حلّ سواه يلوح به الأفق…، وأخيرا، قد نترك للأيام القليلة القادمة أن يجيب صوت العقل على التساؤل الحارق: من مصيرك يا فتح الناظور ويا فتح القلوب؟