قال الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، إن الحديث عن الموجة الجديدة والمتحور “BA 5″، وكذا الجرعتين المعززتين والفضاءات المغلقة، والتدابير الحاجزية، لا يعني أن هناك خطرا على الصحة العامة، أو تهديدا للنظام الصحي، أو مخاوف من تشديد التدابير المقيدة للحياة الاجتماعية أو الاقتصاد.
وأضاف حمضي، في مقال توصلت به هسبريس، أنه بالنسبة لموسم الصيف وعلى الأقل حتى نهاية الخريف، لن يكون هناك من خطر سوى على صحة وحياة الأشخاص من ذوي الهشاشة الذين لم يتم تلقيحهم بشكل كامل، مبرزا أن هؤلاء الأشخاص يجب أن يخافوا على حياتهم، ويجب على من حولهم ومن يحبونهم تقاسم هذا الخوف معهم والتصرف بشكل إيجابي.
ودعا الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية إلى إعطاء الأولوية في التلقيح لذوي الهشاشة باعتبارهم الفئة الأكثر استهدافا من طرف الفيروس، وذلك لتحقيق عدالة مناعية، موردا أن “كوفيد-19” منذ ظهوره سلب حياة الأشخاص ذوي الهشاشة بشكل كبير أكثر من غيرهم.
وقال الطبيب ذاته إن تطور الوباء والفيروس يؤدي باستمرار إلى تآكل حماية هذه الفئة، وتتآكل المناعة بمرور الوقت، بينهم أولا وبشكل أسرع، مؤكدا أن الدراسات أظهرت أن الجرعة المعززة الثانية، الرابعة، تعيد الحق في الحياة لهذه الفئة من خلال تقليص هذا الإجحاف قدر الإمكان.
وأوضح الدكتور حمضي أن في المغرب، كما في البلدان الأخرى، تشكل الهشاشة وعدم التلقيح أهم أسباب الحالات الخطرة والوفيات؛ ففي الموجة الحالية، بلغ متوسط عمر الوفيات 68 عاما، وحوالي 9 من أصل 10 منهم تزيد أعمارهم عن 60 عاما، و19 من أصل 20 حالة وفاة كانوا مصابين بمرض مزمن واحد على الأقل، الشيء الذي يجعل ذوي الهشاشة الصحية غير الملقحين أو غير الملقحين بالكامل في فوهة المدفع.
واستحضر الباحث في السياسات والنظم الصحية تسجيل 86 في المائة من الوفيات بين غير الملقحين أو غير الملقحين بالكامل، لم يتلق نصفهم أي جرعة على الرغم من السن والأمراض المزمنة، ولم يتلق ثلاثة أرباع الذين تم تطعيمهم بشكل غير كامل سوى جرعة واحدة أو جرعتين، وأصيبوا بالعدوى بعد عام واحد من جرعتهم.
وبلغة الأرقام دائما، كشف حمضي أن عشرة أشخاص توفوا رغم تلقيهم ثلاث جرعات، كان عمرهم أكثر من 62 عاما ولهم أمراض مزمنة، أو أصيبوا بالفيروس أكثر من ستة أشهر بعد الجرعة المعززة بدلا من أربعة أشهر الموصى بها.
وقال حمضي إن أولوية الصحة العامة أساسا الجرعة المعززة الأولى أو الجرعة الثالثة، ومع ذلك يظل الأشخاص من ذوي الهشاشة المفرطة، حتى الذين تم تلقيحهم ثلاث مرات، معرضين لخطر متزايد للإصابة بفيروس “BA 5” والإصابة بمرض كوفيد شديد الخطورة والوفاة.
وأوصى الخبير الصحي المغربي باستفادة الأشخاص ذوي الهشاشة الشديدة (الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاما، والذين يخضعون لحصص الدياليز وزرع الأعضاء، والذين يعانون من عدة أمراض مزمنة، ومن لديهم سرطانات أو أدوية مثبطة للمناعة…) من الجرعة المعززة الثانية في أقرب وقت ممكن.
وقال: “من مصلحة ذوي الهشاشة الآخرين أن يقبلوا على الجرعة المعززة الثانية، حيث أظهرت الدراسات ونتائج التلقيح في الدول التي كانت سباقة إلى إعطاء هذه الجرعة لملايين الأشخاص في بلدان أخرى، سلامة وأمان هذه الجرعة المعززة، وخاصة فعاليتها التي تقلل من خطر دخول المستشفيات
والأشكال الحادة والوفاة بنسبة 80 في المائة إلى 90 في المائة مقارنة بأولئك الذين تلقوا الجرعة المعززة الأولى فقط”.
وشدد المصدر ذاته على أن الحياة لها الأسبقية على جميع الاعتبارات الأخرى، وفي الطب أكثر من أي مجال آخر، في انتظار لقاحات أكثر فعالية على المتحورات وأكثر صمودا بمرور الوقت، إلى أن تتم هزيمة هذا الفيروس، فلا ينبغي أن نتأخر في إنقاذ أي حياة مادام ذلك ممكنا.