مقدمة
يجمع أغلب المؤرخين والأركيولوجيين والأنثروبولوجيين على عراقة الشعب الأمازيغي وأصالته، وتحليه بخصال إنسانية وقيم أخلاقية ومثل عليا قل نظيرها؛ لكن لسوء حظه أن أغلب الأقلام التي كتبت تاريخه لم تقم سوى بتزويره وتحريفه، بل وطمسه لأهداف أيديولوجية وعنصرية سخيفة، عدا أقلام مؤرخين أفذاذ اتسمت كتاباتهم بالموضوعية والنزاهة والحياد نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر أبا التاريخ القديم، هيرودوت (484ق.م-425ق.م)، صاحب الكتاب الشهير (تاريخ هيرودوت)، وسالوستيوس الذي خصص كتابا مهما لحرب الملك الأمازيغي يوڭرتن ضد الرومان، إلى جانب هيقاطوس وبوليس واسترابونوسيلاكس وغيرهم من المؤرخين القدامى وكلهم من اليونان والرومان. كما نجد، علاوة على هؤلاء، مؤرخين ومفكرين وأدباء كتبوا عن أجدادهم بلغات أجنبية غير اللغة الأمازيغية؛ منهم القديس أوغسطين (Saint Augustin)، وسيبريانوسوترتوليانوس، وأبوليوس (أفولاي) وأليوس فكتور، دون أن ننسى مساهمة أبرز المؤرخين في العصر الوسيط ومنهم العلامة ابن خلدون وابن عذارى المراكشي والمطماطي…
بيد أن الأمازيغ ابتلوا، منذ مرحلة الاستعمار، برهط من البشر تطفلوا على علم التاريخ وتحاملوا على الموضوعية والنزاهة التي ينبغي أن تتوفر في المؤرخ. شرذمة لا همّ لها غير صناعة الأساطير والترهات التي لا تستند إلى أي أسس علمية أو موضوعية، بل تنتصر لذات متضخمة متعفنة أيديولوجيا. ولعل من أكبر أكاذيب هؤلاء ما سمي ظلما وجورا بـ”الظهير البربري”، والذي لا يعدو أن يكون مجرد خرافة أقيمت عليها ما يسمى بـ”الحركة الوطنية”، والتي لم تكن في العمق سوى طبقة مدنية بورجوازية سعت إلى تحسين وضعيتها المادية من خلال رفع مطالبها إلى سلطات الاستعمار التي لم تكن تتجاوز سقف المطالب المادية الضيقة، في الوقت الذي لا تزال فيه جيوب المقاومة الأمازيغية صامدة ضد الآلة الاستعمارية الرهيبة في كل من تازيزاوت بتونفيت1932، وبوكافر بصاغرو1933 وبادو في الأطلس الكبير الشرقي 1933، وتيلڭيت بأزيلال 1933 وغيرها من الملاحم الأمازيغية التي أبادت فيالق من الخونة والعملاء والجنود الفرنسيين.
الغريب هو أن هذه النخبة البورجوازية التي ستحرف ظهير 16 ماي 1930 وتستغله للدعاية لنفسها هي ذاتها التي ستبادر إلى تهنئة المقيم العام الفرنسي بمناسبة “إخماده للفتن والقلاقل” في إشارة إلى المقاومة الأمازيغية الشرسة، والتي استمرت منذ مطلع القرن العشرين إلى منتصف الثلاثينيات في معارك الجنوب الشرقي ومعركة أيت عبد الله بجنوب سوس، قبل أن تندلع شرارتها مجددا مع المقاوم الاستثنائي حماد أحنصال سنة 1951 الذي قتل عشرات الفرنسيين بأزيلال وأفورار ودير بني ملال، إلى درجة أن فرنسا الاستعمارية جندت فيلقا كاملا وجيشا من الحياحة والخونة من أجل القضاء على “أسد تادلة” حماد أحنصال.
1ـ تسمية ظهير 16 ماي 1930 الأصلية والمحرّفة من قبل جماعة عبد اللطيف الصبيحي
يحمل ظهير 16 ماي 1930 اسم “الظهير المنظم لسير العدالة في المناطق ذات الأعراف الأمازيغية التي لا توجد بها محاكم شرعية”. وقد أسماه عبد اللطيف الصبيحي وجماعته بهتانا وظلما بالظهير “البربري” لغاية في نفس يعقوب. الظهير هذا استصدرته الإقامة العامة ووقعه السلطان، ونجد في نسخته الفرنسية أنه سمي بـ :
«Dahir du 16 Mais réglant le fonctionnement de la justice dans les tribus de coutume berbère non pourvues de mahkama pour l’application de chariấa»
هذا وقد نشر في النسخة الفرنسية للجريدة الرسمية المغربية تحت عدد 918 بتاريخ 30 ماي 1930، وفي النسخة العربية للجريدة ذاتها تحت عدد 919 بتاريخ 6 يونيو 1930. وقد حمل هذا الظهير، الذي نشر على الصفحة الأولى للجريدة الرسمية، التسمية الآتية: “ظهير شريف يصبح بموجبه قانونيا مطابقا للأصول المراعية لسير شؤون العدلية الحالي في القبائل ذات العوائد الأمازيغية التي لا توجد بها محاكم مكلفة بتطبيق القوانين الشرعية”.
لقد تبيّن لنا، من خلال تصفحنا للجريدة الرسمية في نسختيها الفرنسية والعربية، مدى سخافة الغوغاء، وفي مقدمتهم عبد اللطيف الصبيحي، الذين مارسوا التضليل والتخويف والترهيب من ظهير منظم للمحاكم ذات القواعد العرفية الأمازيغية بما فيها بعض القبائل الناطقة بالعربية، والتي كانت تحتكم إلى العرف الأمازيغي الضارب عمقه في الثقافة القانونية لشمال إفريقيا. كما تأكد للمؤرخين الموضوعيين أن الهدف من بروباكندا جماعة عبد اللطيف الصبيحي ومن معه هو ابتزاز السلطات الفرنسية والسلطان محمد بن يوسف من أجل تحقيق مزيد من المكاسب والمطالب الضيقة التي تسعى الطبقة المدينية إلى تحقيقها خدمة لمصالحها الشخصية.
2ـ ظهير 16 ماي 1930 ظهير فرنسي بامتياز
يعتبر ظهير 16 ماي 1930 المنظم للقبائل ذات الأعراف والعوائد الأمازيغية ظهيرا فرنسيا صاغه موظفون تابعون لسلطات الاحتلال الفرنسي، شأنه في ذلك شأن كل الظهائر التي صيغت خلال فترة الحماية. وكان القصد من وراء هذا الظهير شرعنة الترامي والاستيلاء على الأراضي الأمازيغية الخصبة وتفويتها إلى المعمّرين الفرنسين الذين حوّلوها إلى ضيعات خاصة، أي أنه ظهير لا علاقة له بالتفرقة بين الامازيغ والناطقين بالعربية (أغلبهم كانوا أمازيغ عرّبوا) ولا بسياسة ”فرق تسد” ولا بتنصير الأمازيغ أو تهويدهم كما روج لذلك بعض المحسوبين على الفقهاء من الغوغاء. إنه ظهير عقاري هدف إلى انتزاع الأراضي من مالكيها الأصليين من الأمازيغ، وتفويتها إلى المعمرين المحتلين دون أن يثير ذلك رد فعل ما سيسمى فيما بعد بـ”الحركة الوطنية”، والتي شكلت بروباڭندا جماعة عبد اللطيف الصبيحي قاعدتها التي انطلقت منها.
إن ظهير 16 ماي 1930، والذي يحمل طابع السلطان محمد بن يوسف وتوقيع المقيم العام الفرنسي سان لوسيان، ظهير عقاري لا يتضمن -ولو تلميحا-ما يفيد بأنه عرقي يسعى إلى التفرقة؛ غير أن بعض القراءات المغرضة، والتي انساقت وراء ادعاءات مرددي اللطيف، جعلت من هذا الظهير المشؤوم أسطورة عندما أوهمت البسطاء بأنه يسعى إلى تفريق المغاربة، في حين أن حقيقة الأمر كونه ظهيرا عقاريا شمل حتى بعض القبائل الناطقة بالعربية ذات الأعراف الأمازيغية ومنها قبيلة زعير.
3ـ شيْطنة ظهير 16 ماي وتهويله وتغويله والتخويف منه من خلال ترديد “اللطيف” في المساجد
تجمع كل شهادات قادة “الحركة الوطنية” التي جعلت من ظهير16 ماي 1930 على أن عبد اللطيف الصبيحي، أحد شباب مدينة سلا، هو أول من اطلع على نص ذاك الظهير المشؤوم بحكم وظيفته في مصلحة الشؤون الإدارية والسياسية بالإقامة العامة، وهو أول من سرّبه إلى بعض شباب سلا الذي كان ينشط في جمعية ثقافية تحت اسم “النادي الأدبي السّلوي” منذ سنة 1927، وفي حواره الطويل مع جريدة “الأحداث المغربية” 4 دجنبر 2000 قال أبوبكر القادري في سياق حديثه عن هذا الظهير: “ولأن الظهير “البربري” صدر في ماي، وكان الفصل صيفا حارا، وأغلب الشباب قصد شاطئ البحر للاستجمام، فإن عبد اللطيف الصبيحي توجه إلى الشباب في الشاطئ وأخذ يؤنبهم لأنهم يلهون ويسبحون في حين أن المغرب مهدد في كيانه، وكان شابا فصيحا، فالتف حوله بعض الشباب ممن تمكن من إقناعهم بخطورة الظهير “البربري”، وأخذوا يفكرون في كيفية مواجهته، وطرحت فكرة التركيز على أن الاستعمار يريد إزالة النفوذ من الملك، فتم الاعتراض عليها لأن أغلبية الناس سوف لن تتصدى للظهير فقط لهذا السبب، فهذه الفكرة غير كافية لاستنهاض الهمم وحشد الطاقة الوطنية. وبعد أخذ ورد-يضيف أبو بكر القادري-اتفق الشباب المجتمع على القول بأن الغاية من الظهير هي تحويل المغاربة إلى نصارى، وينبغي البحث عن وسيلة لإبلاغ هذه الفكرة إلى المغاربة، فتم الاتفاق على استغلال صلاة الجمعة حيث سيتوزع عدد من الأشخاص في الصفوف الأمامية ويصرخون: “اللهم نسألك اللطف فيما جرت به المقادير، لا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر”. وهكذا انطلقت حركة اللطيف في المساجد قبل أن تصل إلى مساجد الرباط. هاتان المدينتان كانتا مركز الاحتجاجات لمدة شهر قبل أن تنتقل إلى مدينة فاس” (انتهى كلام القادري).
ويعتبر أبوبكر القادري عبد الله الجراري أول من كتب صيغة اللطيف الشهير الذي رددته جماعة عبد اللطيف الصبيحي، فانتشر كالنار في الهشيم في مختلف مدن المملكة المغربية. ومن أجل الضغط على الاحتلال الفرنسي وتحقيق مكاسب شخصية قامت البورجوازية المدينية بالتصعيد ضد فرنسا، ونظمت احتجاجات مستغلة تأويل الظهير وربطه بالتنصير والتفرقة.
لقد تجاوبت مختلف شرائح المجتمع المغربي مع هذا التأويل الخاطئ لطهير 16 ماي 1930 بشكل سريع، واتخذ بعدا إسلاميا وقوميا لاسيما بعد زيارة شكيب أرسلان، أحد دعاة القومية العروبية لشمال المغرب، حيث ادعى أن فرنسا استنفرت ألف مبشّر مسيحي من أجل تحويل الأمازيغ إلى المسيحية، كما زعم أن الاستعمار يريد إكمال العمل الذي سبق أن بدأه كل من فريدناند وإيزابيلا.
هكذا لعب شكيب أرسلان دورا كبيرا في تعبئة الإعلام في مصر للتصدي للتنصير المزعوم، وجعلوا من ظهير عقاري أسطورة ستتأسس عليها فيما بعد ما يسمى بـ”الحركة الوطنية”، وظل الأمازيغ يعانون من هذا الظهير الذي سلب أراضيهم والخرافة السياسوية التي أعقبته لعقود كثيرة رغم أن مناضلي الحركة الأمازيغية استطاعوا فضحها وتقويضها ونسف ترهات الصبيحي وشكيب أرسلان.
4ـ السلطان محمد بن يوسف (المرحوم محمد الخامس) في مواجهة مرددي اللطيف
بما أنّ نص ظهير 16 ماي 1930 لا يتضمن أية إشارة -ولو من باب التلميح – إلى التبشير أو التنصير كما افترى علينا الصبيحي وزمرته، وبما أن الظهير يحمل طابع السلطان محمد بن يوسف العلوي، ونظرا لتداعيات تلك التظاهرات والاحتجاجات التي كان وراءها الصبيحي وأتباعه والغوغاء الذين صدّقوا الخرافة، فقد كان من الطبيعي أن يكون رد السلطان محمد الخامس حازما، حيث بعث برسالة شديدة اللهجة قرئت في مساجد المملكة، وهي رسالة تم تجاهلها عمدا من جانب المؤرخين الذين آثروا التحامل على الأمازيغ.
تقول رسالة السلطان محمد الخامس: “بعد البسملة والحمدلة، فغير خاف أن للقبائل ” البربرية ” عوائد قديمة يرجعون فيها لحفظ النظام ويجرونها في ضبط الأحكام، وقد أقرّهم الملوك المتقدمون من أسلافنا المقدمين ومن قبلهم، فتشموا بمقتضياتها مدة مديدة وسنين عديدة، وكان آخر من أقرّهم على ذلك مولانا الوالد قدّس الله روحه في أعلى المشاهد اقتفاء بمن تقدمه من الملوك وإجابة لآمالهم ورغبة في إصلاح حالهم. وحيث إن ذلك من جملة الأنظمة المخزنية، اقتضى نظرنا الشريف تجديد حكم الظهير المذكور. إن تجديده ضروري لإجراء العمل به بين الجمهور، وقد قامت شرذمة من صبيانكم الذين يكادون لم يبلغوا الحلم وأشاعوا-ولبئس ما صنعوا-أن البرابرة بموجب الظهير الشريف تنصّروا وما دروا عاقبة فعلهم الذميم وما تبصّروا، وما هو بذلك على العامة، وصاروا يدعونهم لعقد الاجتماعات بالمساجد عقب الصلوات لذكر اسم الله تعالى “اللطيف“، فخرجت المسألة من دور التضرّع الى دور التخريب والتمرد. فساء جنابي الشريف أن تصير مساجد الله في حقها. في بيوت الله أذن الله أن يرفع ويذكر اسمه… إن مولانا المقدّس بالله كان أحرص الناس على إيصال الخبر لأمته، فكيف يعقل أن يسعى إلى تكفير جزء عظيم من قبائل رعيته ” (انتهت رسالة المغفور له محمد الخامس).
5ـ علاقة عبد اللطيف الصبيحي المردد للطيف وابن عبد الجليل المتحوّل إلى المسيحية
قلة قليلة من المؤرخين المغاربة هي التي تعرف أن عبد اللطيف الصبيحي، الذي ينتسب إلى عائلة باشا سلا الذي حكم المدينة إبان مرحلة الاستعمار الفرنسي (1914-1956)، درس مع ابن الجليل أو جون محمد ابن عبد الجليل في معهد الدراسات الشرقية بباريس. ومن المعروف أن الأب يوحنا ابن عبد الجليل ولد بفاس سنة 1904 في أسرة محافظة اشتغل والده خليفة بفاس ورافقه إلى الحج وتلقى تعليمه في جامعة القرويين… لكنه سيرتد عن الإسلام وتحول إلى المسيحة وأصبح أحد أبرز أساقفة الكنيسة الكاثوليكية وبقي هناك إلى أن مات بضاحية باريس في 29 نونبر 1979.
لقد شكل ارتداد محمد بن عبد الجليل صدمة كبيرة لعائلته وانتكاسة للعائلات الفاسية ولفقهاء ونخبة القرويين. رغم أن أغلب كتابات ما يسمى بالوطنيين تجاهلته، فيما كتب عنه أغلب المؤرخين الكولونياليين .
ولكم أن تتصوروا ماذا سيكون رد فعل المدعو عبد اللطيف الصبيحي وجماعته لو كان صديقه الأب جون محمد ابن عبد الجليل من أصول أمازيغية؟ بدون شك سيملأ الدنيا صخبا وضجيجا وسيجعل من الأمازيغ الطابور المسيحي الخامس وسيبذل قصارى جهده لكي يجعل من الأمازيغ القاعدة المسيحية الخلفية. ولكن حينما تعلق الأمر بصديقه أصيب بالخرس وابتلع لسانه.
6ـ نص ظهير 16 ماي 1930 أو ما يسمى بهتانا بـ”الظهير البربري” ظهير شريف
يصبح بموجبه قانونيا مطابقا للأصول المرعية سير شؤون العدلية الحالي في القبائل ذات العوائد البربرية التي لا توجد فيها محاكم مكلفة بتطبيق القواعد الشرعية.
يعلم من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره أنه حيث أن والدنا المقدس بالله السلطان مولاي يوسف قد أصدر ظهيرا شريفا مؤرخا في 20 شوال عام 1332 الموافق 11 شتنبر سنة 1914 يأمر فيه باحترام ومراعاة النظام العرفي الجاري العمل به في القبائل التي استتب الأمن فيها وذلك حبا في مصلحة رعايانا واطمئنان دولتنا الشريف،
وحيث قد صدر للغرض نفسه ظهير شريف مؤرخ في 19 شوال عام 1340 الموافق 15 يونيو سنة 1922 بتأسيس قواعد خصوصية متعلقة بتفويت العقارات للأجانب بالقبائل ذات العوائد البربرية التي لا توجد فيها محاكم مكلفة بتطبيق القواعد الشرعية،
وحيث أن قبائل عديدة قد أدرجت منذ ذلك الحين بطريقة قانونية من طرف وزيرنا الصدر الأعظم في عدد القبائل التي ينبغي احترام ومراعاة نظامها العرفي،
وحيث أنه أصبح الآن من المناسب تعيين الشروط الخصوصية التي ينبغي اتباعها في مباشرة العدلية والقضاء بين من ذكر مع احترام العوائد المذكورة أصدرنا أمرنا الشريف بما يأتي :
الفصل الأول: أن المخالفات التي يرتكبها المغربيون في القبائل ذات العوائد البربرية بإيالتنا الشريفة والتي ينظر فيها القواد في بقية نواحي مملكتنا السعيدة يقع زجرها هناك من طرف رؤساء القبائل
وأما بقية المخالفات فينظر فيها ويقع زجرها طبق ما هو مقرر في الفصلين الرابع والسادس من ظهيرنا الشريف هذا.
الفصل الثاني: أنه مع مراعاة القواعد المتعلقة باختصاصات المحاكم الفرنسوية بإيالتنا الشريفة فإن الدعاوي المدنية أو التجارية والدعاوي المختصة بالعقارات أو المنقولات تنظر فيها محاكم خصوصية تعرف (بالمحاكم العرفية) ابتدائيا أو نهائيا بحسب الحدود (المقدار) يجري تعيينها بقرار وزيري كما تنظر المحاكم المذكورة في جميع القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية أو بأمور الإرث وتطبق في كل الأحوال العوائد المحلية.
الفصل الثالث: أن استـئناف الأحكام الصادرة من طرف المحاكم العرفية يرفع أمام محاكم تعرف بالمحاكم العرفية الاستئنافية وذلك في جميع الأحوال التي يكون فيها الاستئناف مقبولا
الفصل الرابع: أن المحاكم الاستئنافية المشار إليها تنظر أيضا في الأمور الجنائية ابتدائيا ونهائيا بقصد زجر المخالفات المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل الأول أعلاه وكذلك زجر جميع المخالفات التي يرتكبها أعضاء المحاكم العرفية التي يطوق باختصاصاتها الاعتيادية رئيس القبيلة.
الفصل الخامس: يجعل لدى كل محكمة عرفية ابتدائية أو استئنافية مندوب مخزني مفوض من طرف حكومة المراقبة بالناحية التي يرجع إليها أمره ويجعل أيضا لدى كل واحدة من المحاكم المذكورة كاتب مسجل يكون مكلفا أيضا بوظيفة موثق.
الفصل السادس: أن المحاكم الفرنسوية التي تحكم في الأمور الجنائية حسب القواعد الخاصة بها لها النظر في زجر الجنايات التي يقع ارتكابها في النواحي البربرية مهما كانت حالة مرتكب الجناية.
ويجري العمل في هذه الأحوال بالظهير الشريف المؤرخ في 12 غشت سنة 1913 المتعلق بالمرافعات الجنائية.
الفصل السابع: أن الدعاوي المتعلقة بالعقارات إذا كان الطالب أو المطلوب فيها من الأشخاص الراجع أمرهم للمحاكم الفرنسوية فتكون من اختصاصات المحاكم الفرنسوية المذكورة.
الفصل الثامن: أن جميع القواعد المتعلقة بتنظيم المحاكم العرفية وتركيبها وسير أعمالها تعين بقرارات وزيرية متوالية تصدر بحسب الأحوال ومهما تقتضيه المصلحة.