بينما يقدم المسؤولون في الرباط إحصاءات وأرقاما عن ارتفاع نسبة التمدرس في العالم القروي، مازال أطفال دواوير نواحي مدينة تاهلة محرومين من حقهم في التمدرس، المكفول بمقتضى دستور المملكة.
في بيت لحسن، القاطن في دوار العلي المختار، التابع لجماعة الصميعة، يوجد ثلاثة أطفال في سن التمدرس، لكنهم لا يذهبون إلى المدرسة، نظرا لبُعْدها، من جهة، ولغياب النقل المدرسي، من جهة أخرى.
“الناس هنا عندهم الدراري مكيقراوش، اللي عندو شي واحد من العائلة فالمدينة كيدي عندو ولدو، واللي معندو حد بقاو ولادو بلا قراية”، يقول محمد، أحد سكان المنطقة.
ويضيف المتحدث ذاته: “المدرسة موجودة لكنها بعيدة جدا، ونحن نطلب فقط سيارة ولو صغيرة للنقل المدرسي، لكن المجلس الجماعي لم يستجب لطلبنا”؛ قبل أن يشير إلى جاره الذي لديه ثلاثة أطفال في سن التمدرس، قائلا: “هاد السيد عندو ثلاثة د الدراري صغار تا واحد مكيقرا”.
يقول سكان العلي المختار إنهم اقترحوا على مسؤولي جماعة الصميعة أن يساهموا في أداء مصاريف وقود سيارة النقل المدرسي، إذا وفرتها الجماعة، غير أن هذه الأخيرة لم تتفاعل مع طلبهم.
ويعلق أحد أبناء الدوار، وهو مقيم في مدينة الدار البيضاء: “يكفيهم (المسؤولون) أن يقول لهم الفلاحون البسطاء إنهم مستعدون للمساهمة في مصاريف الوقود، لكن لم نرَ شيئا من الجماعة، رغم أنها من الجماعات الغنية في المنطقة، إذ تملك مساحات غابوية شاسعة تزخر بأشجار الفلين”.
وتوجد أقرب مدرسة في عين ازهر، غير أنها انهارت قبل أربع سنوات، وغادر أستاذ التعليم الابتدائي الذي كان يدرّس فيها، وظل أطفال المنطقة بدون تعليم، بحسب إفادة محمد.
ويقدم عبد العزيز كوسكوس، رئيس جماعة الصميعة، رواية مختلفة، إذ قال إن المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية هي التي أغلقت المدرسة الموجودة في عين ازهر، بعدما لم يتبقّ فيها إلا تلميذان بسبب هجرة السكان إلى المدينة.
وجوابا عن سؤال بخصوص عدم توفير النقل المدرسي للأطفال غير المتمدرسين، قال كوسكوس، في تصريح لهسبريس: “جماعة الصميعة التي لا يتعدى عدد سكانها سبعة آلاف نسمة تتوفر على خمس حافلات للنقل المدرسي”، لافتا إلى أن الحافلات المتوفرة تقلّ تلاميذ الإعدادي والثانوي إلى مدينة تاهلة.
وأضاف المسؤول ذاته أن السيارات التي تتوفر عليها الجماعة لا تستطيع الوصول إلى الدواوير النائية، نظرا لوعورة التضاريس.
وينتقد سكان الدواوير التي تفصلها عن جماعة الصميعة حوالي ثمانية كيلومترات عدم تعبيد الطريق المؤدية إلى قراهم، “رغم أن الجماعة هي من أغنى الجماعات في المنطقة”.
وتعليقا على ذلك، قال عبد العزيز كوسكوس إن ما يُقال عن “غنى” جماعة الصميعة “غير صحيح”، مضيفا: “الجماعة لديها عجز مالي يصل إلى ثلاثة ملايين درهم، ولو كانت غنية لما كان لدينا هذا العجز”.