واعتبرا بوصوف، أن تنظيم حدثٍ ثقافي كوني بحجم المعرض الدولي للكتاب بالعاصمة المغربية، هـو في حد ذاته إعلان صريح على أن بلدنا نجح أيّما نجاح في مواجهة الجائحة التي ألقت بضلالها على أرجاء العالم قاطبة، لافتا في الوقت نفسه إلى اِنكباب مجلس الجالية بالخارج ومؤسسات الدولة على شاكلته التي تُعنى بشؤون الجالية، على الاشتغال على ضمان التأطير الثقافي والديني لفائدة مغاربة المهجر إبّان الفترة التي عرف فيها العالم ومنه بلدنا، فرض قيود اِحترازية أملتها الضرورة الصحيّة للوقاية من الوبـاء.
مردفـاً أنّ العمل على ضمان التأطير الديني والثقافي للجالية، تأتّى للمجلس عمليًّا، عبر وسيلة التواصل الافتراضي التي ضمنت إلى حدٍّ بعيد ربط مغاربة الخارج بوطنهم الأم، وتحديدًا عـن طريق إحداث بوابة رقميّة تحت اِسم “أواصر تيفي”، “بحيث لعبت دورا مهما في المحافظة على آصِرة العلائق والصّلة بين مغاربة العالم وبلدهم المغرب”، مستطرداً أن هذه المنصة الالكترونية أظهرت الحاجة إلى ضرورة إيلاء مزيدٍ من الاهتمام بهذه المبادرات، بهدف التصدي للهيمنة الثقافية والدينية التي تتعرض لها الجالية المغربية من مناوئين لمصالحنا الحيوية ومن جهات متطرفة تسعى إلى استقطاب أبنائها، مما يستوجب ودعم هذه المبادرات بالكامل من الجهات الوصية، بغية التواجد الدائم والمستمر في الفضاء الافتراضي”.
وتماشيـا فحوى شعار المعرض التي إقراره هذه السنة الجارية، أوضح المتحدث أن المجلس اِرتأى خلال مشاركته، فتح نقاشات في هذا الإطار مع الجاليات الإفريقية عبر العالم، تنطلق من طرح أسئلة من قبيل “كيف تنظـر إلى إفريقيا؟ وما يمكن أن تقدم إلى إفريقيا؟ وكيف ستستطيع مواجهة التحديات ببلدان الإقامة؟، على اعتبار أن المعرض فضاء للنقاش العمومي، مؤكدا على أن الهجرة الإفريقية هي تتحرك بالأساس داخل القارة الإفريقية نفسها، وأن مصدر الهجرة الإفريقية الخارجية هي مصدر النماء والإزدهار للمجتمعات المتواجدة بها، مما يهدف النقاش على هذه المستويات إلى بلورة تصورات موحدة وبلورة جبهة موحدة، للدفاع عن مصالح الجاليات الإفريقية ومواجهة التحديات”.
وتـابع بوصوف، أن المقاربة الملكية المغربية إزاء أفريقيا ليست ظرفية ولا سياسية ولا استراتيجية آنية، وإنما هي مقاربة مبدئية مبنية على قناعات راسخة متجذرة في عمق التاريخ، وهـي مقاربة تنبني على مبادئ التعاون والتضامن والأخـوة من تنطلق من قاعدة “رابح رابح”، على اعتبار المغاربة أفارقة أيضا، مُبينا أهمية ما تزخر به القارة الأفريقية من تراث مادي تلبي الحاجيات الإنسانية، “وقد تحمل عناصر الإجابة على الإشكاليات الوجودية التي يحملها الإنسان عبر العالم وترجع الإنسانية للإنسـان”.
ونـوّه رئيس مجلس الجالية بالخارج خلال مداخلته، بما وصفـه حسا تضامنيا عاليا أبان عنه مغاربة العالم إبّـان الجائحة، وكذا التضحيات الجسام والمجهودات الجبارة التي قامت بها الجالية، من خـلال انخراطها في الصندوق المخصص لتدبير جائحة كورونـا، والتضامن العارم اتجاه عائلاتها وأسرها وأهل البوادي والقرى بأنحاء المغرب وبخاصة اتجاه مغاربة الداخل الذين كانوا عالقين بالخارج لتخفيف وطأة الثقل عليهم بسبب المحنة، وذلك بدليل الأرقام التي قدمتها الأبناك عن التحويلات المالية لمغاربة المهجر خلال السنتين الفارطتين، وهو ما يدل على انتماء قوي للمغرب الذي يحملونه في قلوبهم أينما ارتحلوا ووجدوا.
وختـم الدكتور بوصوف مداخلته، بتوجيه دعوة للحكومة المغربية، مـن أجل تعزيز العرض الثقافي الموجه للجالية والموجه عبرها أيضا للعالم ككل، وتفعيل المقترح الذي اقترحه مجلس الجالية بالخارج والذي تبنته لجنة النموذج التنموي الجديد، بخصوص خلق وكالة ثقافية موجهة لمغاربة العالم عبر شتى البلدان، مضيفا أن المغرب في أمس الحاجة إلى هذه الوكالة لكونها ستعمل على صيانة صورة المغرب في العالم وقيمه الحضارية المبنية على التسامح والتعددية والعيش المشترك، خاصة في ظل وجود كثيرٍ من المناوئين للمصالح الحيوية للمغرب على مختلف الأصعدة وعلى رأسها الوحدة الترابية، وباعتبار الوكالة أيضاً أداة ناجعة في تأطير الشباب واستقطاب الكفاءات المغربية والدخول إلى الأسواق والحفاظ على المصالح الديبلوماسية