لا تهدأ السواحل الجنوبية للمغرب منذ مدة ليست بالقصيرة، فقد حوّلها العديد من الراغبين في الهجرة غير النظامية إلى قِبلة تنقل رئيسية لوصول إسبانيا عبر جزر الكناري، في مقابل المراقبة الأمنية الكبيرة التي تحيط بنقاط الانطلاق عبر البحر الأبيض المتوسط.
ووفقا لإحصائيات لجنة الهجرة والحدود الإسبانية، صدرت الثلاثاء، فقد بلغ مجموع “الحراكة” المتدفقين من التراب المغربي 85 في المائة من مجموع واصلي تراب الجارة الشمالية؛ وهو رقم تضاعف كثيرا بعدما اختارت أعداد ضخمة المرور عبر المناطق الجنوبية نهاية يوليوز الماضي، وفق التقرير ذاته.
وإضافة إلى السواحل الجنوبية للبلاد، يعبر العديدون من الثغرين المحتلين سبتة ومليلية؛ لكن المرور عبر الجنوب بات اختيارا مطروحا لفئات عديدة، خصوصا المنطلقين من سواحل سيدي إفني وطانطان والداخلة، على الرغم من التدخلات المتواصلة للبحرية المغربية ونظيرتها الإسبانية.
عبد الله بوشطارت، الفاعل المدني بمنطقة سيدي إفني، اعتبر أن “انتشار الهجرة غير النظامية عبر القوارب في سواحل الجنوب إلى الجزر الكناري، بدءا من سيدي إفني إلى الداخلة، ليس وليد اليوم، فقد بدأت منذ سنوات، وكانت مقتصرة آنذاك على أبناء المنطقة الذين يعانون من التهميش والفقر وانعدام فرص الشغل”.
وأفاد بوشطارت بأن “الهجرة غير النظامية في الجنوب عرفت، في السنوات القليلة الماضية، ارتفاعا ملحوظا، لاعتبارات عديدة؛ أهمها القرب الجغرافي الموجود بين سواحل الجنوب مع الجزر الكناري، ثم شساعة هذه السواحل؛ مما يصعب على السلطات الأمنية مراقبة السواحل بشكل دقيق.
وأضاف الفاعل المدني بمنطقة سيدي إفني أن السلطات تشدد المراقبة في الشمال، وتطور وسائل تتبع ومراقبة المهاجرين غير النظاميين؛ مما جعل أبناء الشمال وأبناء الوسط، خاصة مناطق خريبكة وبني ملال وسطات، يتجهون صوب الجنوب لوجود إمكانية الانفلات من السلطات بحكم شساعة المجال الساحلي، ثم كذلك ظهور شبكات التهجير غير النظامي في الجنوب خاصة في ضواحي الداخلة التي تحولت إلى منطقة عبور نحو كناريا، فضلا عن اختيار مهاجري بلدان جنوب الصحراء الانطلاق من السواحل الجنوبية عوض الاتجاه نحو الشمال ومخاطر ذلك، أردف بوشطارت.
ولاحظ المصرح لهسبريس ارتفاع عدد مهاجري جنوب الصحراء الذين يعبرون من سواحل الجنوب المغربي بشكل كبير جدا حسب ما أفادته السلطات الإسبانية المختصة في جزيرة لاس بالماس، مشيرا إلى أن إسبانيا لم تعد قادرة على توفير فضاءات إيوائهم بسبب الاكتظاظ.
من جانبه، اعتبر بوبكر أونغير، الفاعل المدني بجهة كلميم وادنون، أن الحلول في المرتبة الأولى من حيث الهجرة غير النظامية يفسر بقرب بعض الشواطئ الجنوبية للأرخبيل الإسباني، ثم التركيز الأمني في الحدود الشمالية وقرب الجنوب المغربي من مناطق توافد المهاجرين الأفارقة.
وأشار أونغير، في تصريح لهسبريس، إلى أن هذا الأمر يأتي رغم المجهودات الكبيرة التي تقوم بها السلطات العمومية، مسجلا أن العدد الكبير للمهاجرين عير النظاميين يتدفق مستفيدا من طول مسافة الشواطئ الجنوبية، وزاد: “هناك مجهودات تنموية كبيرة بذلت في الأقاليم الجنوبية للمملكة ومؤشرات الفقر تتحسن سنويا”.
وزاد الفاعل المدني بجهة كلميم وادنون: “لكن أمام ضعف القطاع الخاص والاعتماد الكبير على الاستثمارات العمومية تبقى نسب البطالة مرتفعة وأمل الشباب هو الهجرة إلى الفردوس الأوروبي؛ وذلك ما يفسر كون نسبة كبيرة من الشباب تغامر بحياتها، وتركب أمواج المجهول على أمل الوصول إلى الديار الأوروبية”.