بعد توقف دام شهورا، عادت الحياة إلى محطتي توليد الطاقة ذات الدورة المركبة، تهدارت الواقعة في الشمال والمحطة الحرارية الشمسية عين بني مطهر في الحدود الشرقية؛ وذلك باستخدام الغاز الطبيعي المسال المستورد من السوق الدولية.
وكانت المحطتان المخصصتان لإنتاج الكهرباء تستعملان الغاز الطبيعي المستورد من الجزائر عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي؛ لكن الإمداد توقف في أكتوبر الماضي، بعدما قررت الجزائر عدم تجديد العقدة في سلسلة إجراءات اتخذتها ضد الرباط.
ونجحت المملكة في رهان تأمين إمداداتها من الغاز الطبيعي، من خلال إبرام عقود شراء الغاز الطبيعي المسال في السوق الدولية باستخدام البنيات التحتية للغاز للفاعلين الإسبان لدعم القدرة الإنتاجية من الكهرباء.
وتندرج المحطتان في إطار تقوية شبكة الإنتاج الوطني للكهرباء وتنويع مصادر الطاقة الأولية وضمان التزويد المستمر بالكهرباء دون انقطاع.
يعود تأسيس شركة “الطاقة الكهربائية تاهدرات” إلى سنة 2002، وبعدها بسنة شرع في أشغال بناء المحطة وفي سنة 2005 تم البدء في استغلال المحطة بعد افتتاح رسمي أشرف عليه الملك محمد السادس وملك إسبانيا خوان كارلوس.
توجد المحطة على بعد 28 كيلومترا جنوب مدينة طنجة على الطريق الرئيسية القنيطرة-طنجة. وبفضل تقنية الدورة المركبة، الحاصلة على شهادات إيزو 14001 و50001 نظرا لحكامتها الجيدة والطاقية، تساهم المحطة في حماية وحفظ المنظومة البيئية المجاورة التي تحتضن أنواعا عديدة من الطيور المهاجرة المحمية.
ويقصد بالدورة المركبة في عملية توليد الكهرباء الدورة التي تتكون من محركات حرارية والتي تعمل بالتتابع بنفس مصدر الحرارة محولة مصدر الحرارة هذا إلى طاقة ميكانيكية تُستخدم مباشرة في توليد الكهرباء باستخدام مولدات كهربائية.
وشاركت إسبانيا في هذا المشروع الأول من نوعه في المغرب عن طريق شركة Endesa، إلى جانب Siemens الألمانية والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
وقد بلغت الكلفة الإجمالية للمحطة حوالي 284 مليون أورو، ما يعادل 3,1 مليار درهم، وتصل قدرتها الإنتاجية حوالي 384 ميغاوات، وتساهم حاليا في إنتاج 6 في المائة من الطاقة الكهربائية الموزعة في المغرب.
ويتوزع رأسمال الشركة بنسبة 48 في المائة للمكتب الوطني للكهرباء، و32 في المائة لشركة Endesa ، و20 في المائة لشركة سيمنس. وقد ساهمت بنوك مغربية عديدة في تمويل هذا الاستثمار.
في سنة 2018، زادت قدرة المحطة الكهربائية تهدارت بنحو 23 ميغاوات لتتجاوز 400 ميغاوات بعد تحديث التوربينات الغازية والبخارية، وتستهلك اليوم حوالي 520 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا.
وتشتغل محطة تهدرات بالغاز الطبيعي الذي يعتبر مصدرا نظيفا للطاقة؛ لأنه لا تنتج عن احتراقه أي ملوثات في الغلاف الجوي. وتطلق المحطة ست مرات أقل من أوكسيد النيتروجين وثلث ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالمحطات التقليدية.
أما المحطة الحرارية الشمسية عين بني مطهر فهي محطة تولد الكهرباء بالطاقة الشمسية والغاز الطبيعي في الوقت نفسه بالاعتماد على منظومة الدارة المركبة المندمجة.
وكان الملك محمد السادس قد أشرف، سنة 2010، على تدشين المحطة الحرارية الشمسية عين بني مطهر الواقعة بمنطقة سهب الغار بالجماعة القروية عين بني مطهر بإقليم جرادة. وتعد هذه المحطة تجربة رائدة على الصعيد الدولي والتي بلغت كلفتها الإجمالية 4 مليارات و600 مليون درهم.
وقد موّل هذا المشروع كل من البنك الإفريقي للتنمية ومؤسسة التمويل الرسمي الإسباني (ICO) والصندوق الدولي للبيئة، إضافة إلى نسبة مولها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
تمتد المحطة على مساحة تناهز 160 هكتارا، وتبلغ قدرتها الإجمالية حوالي 472 ميغاوات؛ منها 20 ميغاوات من المكون الشمسي الذي يمكن من إنتاج سنوي من الكهرباء بحوالي 3538 جيجاوات.
تضم المحطة توربينيين للغاز يعملان بالغاز الطبيعي وتوربينيين بخاري، كما تعتمد تقنية التبريد بواسطة النظام الجاف (المبردات الريحية) الذي يمكن من خفض كمية المياه المستهلكة من 5.4 ملايين متر مكعب إلى 850 ألف متر مكعب سنويا، أي ما يمثل اقتصادا في استهلاك الماء بنسبة 80 في المائة.
كما تشتغل المحطة بنظام خاص باسترجاع النفايات السائلة ومعالجتها وتخزينها داخل حوض سميك للتبخير تبلغ مساحته 6 هكتارات، بشكل يمكن من عدم طرح أي نفايات سائلة.