حول المعالجة الإعلامية لقضايا الهجرة، نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان مائدة مستديرة في إطار سلسلة الحوارات والنقاشات التي ينظمها ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب، بالرباط.
ويأتي هذا النقاش لتسليط الضوء على الانتهاكات والتمييز الذي يتعرض له المهاجرون من خلال التغطية الإعلامية التي تهتم بمشكلاتهم، وما ينتج عنها من وصم وأحكام مسبقة ضدهم.
في هذا السياق أشار هشام حذيفة، من موقعه كصحافي وممثل للشبكة المغربية لصحافيي الهجرات، إلى المعالجة الصحافية لقضايا المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، التي تميزت بالمهنية أحيانا وبالهواية وعدم الاحترافية أحايين كثيرة؛ “الأمر الذي تسبب في الحط من كرامة مهاجرين لهم نفس أحلام وطموحات المهاجرين المغاربة، وهي العبور لأوروبا”.
وذكّر حذيفة بالكلمات والعبارات “الصادمة” التي استعملت أثناء هذه التغطية، والتي اعتبرها بمثابة تجريد لإنسانية المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء.
محتات الرقاص، عضو المجلس الوطني للصحافة، سجل من جانبه أن “سياقات الهجرة وظروفها تغيرت بالنظر إلى ما يشهده العالم في السنوات الأخيرة من تحولات وأزمات وحروب؛ وكل هذا أعطى هجرات متنوعة وأصبحنا أمام عوالم كثيرة تفرض الإحاطة بها”، ثم أضاف: “الإعلام المغربي شهد بعض التقدم، ولو كان طفيفا، في قضايا الهجرة، إذ إن الصحافة المغربية في السابق كانت من خلال الصحافة المكتوبة تعالج وتتابع قضايا المغاربة في بلدان إقامتهم بأوروبا أو خارجها؛ وهي كانت في هذه المقاربة تعتمد طريقة وأسلوبا مطلبيا ونضاليا وترافعيا، وفي المقابل كان الإعلام السمعي البصري يقوم بمقاربة إخبارية عادية”.
وتابع الرقاص: “لكن مع توالي السنين ربما بدا ضروريا الاهتمام أيضا بالهجرة من خلال ما يستقبله المغرب من مهاجرين، إذ إن بلادنا تحولت إلى بلاد استقبال، وبالتالي هذه المعالجة عرفت بعض الانزلاقات وبعض الأخطاء المهنية والحقوقية في فترات سابقة.. ربما أصبحنا اليوم نتجاوزها تدريجيا، لكن مع ذلك مازالت هناك بعض الانزلاقات وتجليات الضعف في هذا المجال”.
وفي تصريح لهسبريس، شدد الرقاص على أن “القضاء على هذا لا يتطلب فقط مقاربة أمنية وزجرية، بل يتطلب بالإضافة إلى إحكام القوانين والمنظومات التشريعية ذات الصلة تدريبا وتكوينا مستمرّين للصحافيين حول قضايا الهجرة، ويقتضي أيضا إشعاع المعرفة القانونية والحقوقية وسط الجسم الصحافي المهني؛ كما يقتضي العمل على اللغة التي نشتغل بها في الصحافة المغربية يوميا، والمعجم المستعمل الذي يجب أن ينتصر لكرامة المهاجرين ولاحترام حقوقهم وخصوصياتهم”.
وناقشت مداخلة سارة مقتدر، ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، وضعية الهجرة، مع التركيز على اللجوء في المغرب والعالم.
وأوضحت المتحدثة أنه سنة 2020 “وصل عدد اللاجئين الذين وجدوا أنفسهم مرغمين على ترك بلدانهم إلى 83 مليونا على المستوى العالمي، وواصل العدد الارتفاعَ رغم ظروف الجائحة، بحيث بلغ سنة 2021 حوالي 90 مليونا، ثم 100 مليون سنة 2022″، كما استحضرت “ظروف الحرب في أوكرانيا التي ساهمت بدورها في ارتفاع عدد طالبي اللجوء”، بالملايين.
وفي سياق حديثها عن المعالجة الإعلامية لقضايا الهجرة، فرّقت المتدخلة بين المهاجر واللاجئ وطالب اللجوء، وهي التسميات أو النعوت التي قالت إنه “يتم الخلط بينها أثناء المعالجة الإعلامية لقضيّة الهجرة”.