يقول الدكتور لورانس إبه. فرانكلين، الذي كان مسؤولا عن شؤون إيران بمكتب وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، إن جيش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخاص، وهو مجموعة فاغنر، يواجه الإدانة من جانب خبراء الأمم المتحدة في مجلس حقوق الإنسان، ومحققين مستقلين، بارتكاب جرائم حرب وقتل المدنيين.
ومجموعة فاغنر هي ميليشيا مرتزقة روسية تعرض خدماتها “للمهام الحساسة في الخارج”، مقابل الوصول إلى ثروات الموارد الطبيعية للدولة المضيفة.
ويضيف فرانكلين، الذي خدم في الجيش الأمريكي، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي، أنه رغم أن مجموعة فاغنر قامت بدور في سوريا وأوكرانيا، فإن تدخلها المحلي وانتهاكاتها لحقوق الإنسان كانت أكثر وضوحا في قارة أفريقيا. ففي مالي، بعد شهور قصيرة من وصول مجموعة فاغنر، تردد أنها كانت مسؤولة عن قتل 300 من المدنيين في بلدة مورا. ويتردد أن مقاتلي فاغنر، إلى جانب القوات المسلحة المالية، انتقلوا من منزل إلى منزل، وألقوا القبض على الذكور وقتلوهم. وذكرت صحيفة “ذا صن” أنهم “لم يحاولوا معرفة من هو المتمرد ومن هو المدني. كانوا يريدون قتل الناس”.
ويوضح فرانكلين أن مرتزقة فاغنر متهمون بارتكاب فظائع في ثلاث قارات: في سوريا، وعدة دول في أفريقيا، ومؤخرا في أوكرانيا. ومعروف عن مقاتلي فاغنر أنهم يقدمون المساعدة للنظم الديكتاتورية، المتهمة هي نفسها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. كما أن للمجموعة سجل في ارتكاب الأنشطة الإجرامية مثل السرقة، والاغتصاب، والاختطاف.
والمعتاد، هو أن مسلحي فاغنر يرابطون في المواقع الثرية للدولة المضيفة مثل آبار النفط، وحقول الغاز الطبيعي، ومشروعات التعدين. وبالتالي، فإن أفراد فاغنر يكونون غالبا في وضع يمكنهم بصورة غير قانونية من الاستفادة غير المشروعة من أنشطتهم شبه العسكرية.
وتقوم مجموعة فاغنر حاليا بمساعدة عدة أنظمة في منطقة أفريقيا جنوبي الصحراء. ومما يسهل عملياتها الإجرامية في أفريقيا قدرتها على تنظيم شبكات من شركات شل تخفي اختراقها الأساسي للشؤون الداخلية للدولة المضيفة.
وكانت مجموعة فاغنر تحركت سريعا لملء الفراغ الأمني الناجم عن سحب فرنسا خريف 2021 لقواتها الخاصة بمكافحة الإرهاب من مالي، في أعقاب تدهور العلاقات بين باريس وباماكو. وبدأت قوات فاغنر الوصول إلى مالي في الفترة بين شتنبر ودجنبر 2021. وبعد انتشارها في مالي بوقت قصير، ارتفع عدد القتلى من المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان بدرجة كبيرة.
وقال أحد المقاتلين السابقين في صفوف فاغنر، الذي عمل لمدة ثلاث سنوات في سوريا، للإذاعة العامة الوطنية الأمريكية في أواخر ماي الماضي، إن فاغنر لديها متخصصين في عمليات التضليل ساعدوا في إخفاء الفظائع التي تم ارتكابها في مالي، وإلقاء اللوم على فرنسا في قتل المدنيين.
ويقول فرانكلين إن قوات فاغنر تحاول الآن القضاء على الشبكات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في منطقة الساحل. ولا يزال القضاء لم يحدد ما إذا كانت مجموعة فاغنر أكثر أو أقل فاعلية من المستشارين الفرنسيين في أفريقيا بوجه عام، وفي مالي بوجه خاص، كقوة لمكافحة الإرهابيين.
ويتركز وجود مجموعة فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى حول جهود الرئيس فوستين تواديرا للبقاء في السلطة. وبرز تواديرا كزعيم لجمهورية أفريقيا الوسطى بعد انتصار جماعته في حرب أهلية دينية بين المسيحيين والمسلمين. وتكشفت جذور مجموعة فاغنر التي تميل للنهج النازي في جمهورية أفريقيا الوسطى عندما قتل أفرادها أكثر من عشرة أشخاص داخل مسجد التقوى في بامباري.
ويضيف فرانكلين أن أداء مرتزقة فاغنر كان سيئا في موزمبيق، عندما تم إرسالهم إلى هناك لمواجهة الجهاديين التابعين لتنظيم “داعش” في منطقة كابو ديلغادو الغنية بالغاز الطبيعي. ففي اشتباكين مع جماعة الشباب التابعة لـ”داعش”، تكبدت فاغنر سبعة قتلى. وتردد أن المجموعة التي لم يكن لديها استعداد لهذا القتال، انسحبت مصحوبة بالفشل من موزمبيق. وربما تفاجأ الروس بالأساليب الفعالة، والخبرة، والأسلحة الحديثة للمتمردين الإسلاميين. ومن الواضح أن مجموعة فاغنر لم تبق مدة طويلة في موزمبيق تمكنها من ارتكاب فظائع ضد المدنيين.
وأوضح فرانكلين أن قوات فاغنر التي كانت موجودة على الأرض في شبه جزيرة القرم عام 2014، تم نشرها في منطقتي دونيتسك ولوهانسك بأوكرانيا طوال الأعوام الثمانية الماضية، وأصبح لها وجود مركز في شرق أوكرانيا الآن. وهناك احتمال ضئيل بأنه سيكون لهؤلاء المرتزقة تأثير إيجابي كبير على حظوظ روسيا في أوكرانيا، حيث إن القوات الأوكرانية أكثر من ند لمقاتلي المجموعة. وفي ماي الماضي، دمرت القوات الأوكرانية تجمعا كبيرا لقوات فاغنر، مما كان له تأثير سلبي على الروح المعنوية للقوات الروسية النظامية في تلك المناطق.
وكما هو الحال في كل مكان آخر توجد فيه قوات مجموعة فاغنر، كانت فرصتها الأكبر هي قتل المدنيين العزل. واتهم ممثلو الادعاء الأوكراني اثنين من أفراد المجموعة من بيلاروس بقتل مدنيين بالقرب من كييف، ونشروا صورهما، مما قد يساعد في أي محاكمات قد تجرى بعد انتهاء الحرب. كما تم اتهام مجموعة فاغنر بقتل مئات المدنيين العزل في بلدة بوشا الأوكرانية.