وشحت فرنسا الكاتب والأكاديمي المغربي عبد الجليل لحجمري بـ”وسام السعفات الأكاديمية” الذي يُمنح لـ”الأكاديميين المتميزين والشخصيات البارزة عالميا في الثقافة والتعليم”، ويعود تاريخه إلى عهد نابليون بونابرت.
وتم هذا التوشيح بالرباط، في إقامة السفيرة الفرنسية، بحضور أكاديميين ووزراء، سابقين وحاليين، ومسؤولين رفيعين مغاربة.
عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة، تحدث في كلمة توشيحه عن أهمية التعديلات الجديدة لـ”الباكالوريا الدولية الفرنسية باللغة العربية”، التي ستسهم في “ضمان تشجيع اللغة العربية والثقافات المغربية”.
ووضع لحجمري “هذا الإصلاح” في ظل “قلق بيداغوجي وأسري” حول التلاميذ الذين يدرسون بالمؤسسات الفرنسية بالمغرب، ومدى “اهتمامهم بلغة وثقافة بلادهم”.
هذا العمل، الذي من المرتقب أن تنطلق دورته الأولى سنة 2024، يسعى إلى “إعادة توجيه المؤسسات الفرنسية بالمغرب، باقتراح تعليم رفيع للغة العربية، والآداب العربية، وتاريخ وجغرافيا المغرب باللغة العربية، للتلاميذ المغاربة، ومزدوجي الجنسية، والأجانب”.
إعادة التنظيم هذه تتم بـ”روح جديدة، لأن هناك دائما دروسا لنتعلمها من الماضي”، والدرس هنا هو الحاجة إلى “تقوية وتعزيز اللغة العربية”، في المدارس الفرنسية بالمملكة، علما أن “بعض التعديلات الطفيفة مازالت ضرورية قبل الدورة الأولى لهذا المسلك، سنة 2024”.
وعبر أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة عن قناعته بأن هذه “أداة مستقبل، طريق، رؤية، تتجاوز إطار المؤسسات الفرنسية بالمغرب، من أجل أن تقدم لتلاميذ جاليتنا مساحة ثقافية مشتركة، إذا استثمرت فيها، شبكة، المؤسسات داخل فرنسا وخارجها، ستمكن من أن يبقوا على صلة وثيقة ببلدهم، رغم البعد الجغرافي، وستمكنهم من تنزيل مشاريع مشتركة، تسهل بشكل كبير عودتهم”.
ودعا عبد الجليل لحجمري إلى الحلم بباكالوريا مغربية يحضر فيها التمكن من اللغة الفرنسية، ستكون “ليس فقط إفادة للتلاميذ، وتمكينا لهم من أمن لغوي فقط يسهل دراساتهم العليا بفرنسا والمجال الأوروبي والكندي، ولكن ستفتح الباب لنشر ‘فرانكفونية إيجابية’، تفكك قول كاتب ياسين إن ‘الفرنسية غنيمة حرب’ بجعلها لغةَ الأخوة والمساواة والحرية”.
هيلين لوغال، سفيرة فرنسا بالمغرب، قالت عند توشيح لحجمري إنه “من أكبر مثقفي المغرب”، وهذا الوسام يقصد “الاعتراف بالنّضالات المدنية لكل الأشخاص من أجل المدرسة، وإشعاعها”، ويقدم لمن كان لهم “إسهام استثنائي للإثراء الثقافي لفرنسا”.
لحجمري، الذي وصفته لوغال بأنه “كان منذ ستين سنة في الواجهة بين المغرب وفرنسا”، مساره “استثنائي، كان فيه سفيرا للعديد من الثقافات”، وذا دور جوهري في العلاقات بين المغرب وفرنسا.
وتتبعت السفيرة الفرنسية الخيط الناظم لـ”شغف عبد الجليل لحجمري الممتد لنصف قرن، منذ مناقشة أطروحة ‘صورة المغرب في الأدب الفرنسي’”.
يذكر في هذا الإطار أن هذه الأطروحة فككت حضور عدد من الأحكام المسبقة، والتصورات التمييزية، حول المغرب والمغاربة في أدب عدد من الكتاب الفرنسيين.
وتحدثت السفيرة عن الأكاديمي المغربي الموشّح منذ كان في “سنوات الستينيات مكتشفا فرنسا، ثم شاهدا أو ربما حتى مشاركا في حراك الشباب خلال ماي 1968 (…) ليعود سنة 1970 إلى مسقط رأسه بالرباط أستاذا مساعدا في جامعة محمد الخامس”.
وعددت لوغال “المناصب المتعددة” للحجمري عميدا لشعبة اللغة والأدب الفرنسي بجامعة محمد الخامس، ومديرا للمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، ومؤسسا لقسم اللغة والأدب الفرنسي في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس؛ مع قيادته لفرق وتشجيعه للشباب في كتاباتهم وأبحاثهم، واصفة قلمه بخاطِّ “كتابة روائية شعرية تاريخية، أغنت التراث الثقافي لبلَدينا”.
كما تطرقت السفيرة إلى “شغف عبد الجليل لحجمري لحفظ التراث الأدبي والتاريخي للمملكة”، وسعيه إلى “تمكين ولوج أكبر للثقافة لأكبر عدد من الناس”.
لحجمري أقام، أيضا، “جسورا بين الثقافات واللغات والزّمنيات”، و”يترجم شغفه” في سعيه إلى تأسيس “دار تاريخ المغرب”، ما يعكسه تعيين الملك محمد السادس له أمينا للسر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية “للتعريف بمكونات الهوية الثقافية المغربية، ونشر القيم والمبادئ العالمية، والحوار بين الثقافات والحضارات”.
وذكرت لوغال أن الباكالوريا الفرنسية الدولية باللغة العربية ستكون حاضرة “في كل دول اللغة العربية وليس المغرب فقط”، قبل أن تعبر عن “عرفان بلدها”؛ لأن في مسار عبد الجليل لحجمري “خدمة لبلدينا، لثقافاتهما، ولغاتهما، وتراثهما”.