يرتقب أن تواصل المحكمة الابتدائية بمدينة صفرو أواخر شهر دجنبر الجاري محاكمة سبعة أشخاص متورطين في ما يعرف بقضية “الفساد الانتخابي”، يتوزعون بين ستة منتخبين ومقاول، وذلك بعد تأجيلها للمرة الرابعة في جلسة يوم الإثنين 25 نونبر الماضي.
وتفجرت القضية عقب بروز إنقسامات حادة شهدها مجلس المدينة بعد استقالة الرئيس السابق، ما أسفر عن تنافس شرس بين مرشحين على منصب الرئاسة، ما فتح الباب أمام تحالفات واستقطابات وصفت بالمشبوهة، حيث سرعان ما ظهرت شبهات حول ممارسات مرتبطة بالفساد الانتخابي.
وفي تفاصيل الوقائع، تم تسليم شيكات كوسيلة “لإثبات حسن النية”، تحت إشراف المتهم الرئيسي (ز.و)، الذي طلب من بعض أعضاء المجلس تقديم شيكات على بياض، وهي العملية التي جرت في ظروف غير سليمة، ودفعت أحد المستشارين إلى تقديم شيك زوجته تحت الضغط، ليتفاجأ لاحقا بتضمينه لمبلغ مالي ضخم يناهز 40 مليون سنتيم، بالإضافة إلى مستشارين آخرين سلكوا نفس الطريق المشبوهة.
وبرر المستشارون في اعترافاتهم تقديمهم للشيكات بقلة الخبرة السياسية والضغوط التي مورست عليهم، كاشفين أن واقعة جمع الشيكات تمت في منزل المستشارة (ص.ب)، كما أكدت الأدلة أن الشيكات استخدمت لاحقا كأداة تهديد ضد بعض المنتخبين، إذ تعرض المستشار (ع.ش) للضغط، وتم التلويح بسحب قيمة الشيك في حال عدم التزامه بالتحالفات المحددة، خاصة أن شيك زوجته أعيد تقديمه أكثر من مرة، وهو ما عزز جدية التهديدات.
وادعى المقاول (ع.ب) في محاولة للتغطية على هذه الوقائع، أن الشيك مرتبط بمعاملة تجارية، غير أن التحقيقات والاختبارات التقنية على الهواتف النقالة كشفت تلاعبه، ما أدى إلى توجيه اتهامات إضافية له بتقديم أدلة زائفة وإهانة الضابطة القضائية.
وبناء على مجريات التحقيقات، وجهت للمتهم الرئيسي (ز.و) تهم خطيرة تتعلق بالنصب، والتهديد، واستخدام شيك كوسيلة للضمان، بالإضافة إلى التأثير على أصوات الناخبين، بينما وجهت للمقاول (ع.ب) تهم النصب، وإهانة الضابطة القضائية، وتلقي شيك كضمان، فيما يواجه خمسة مستشارين آخرين تهم المشاركة في تقديم الشيكات كضمان، والنصب، والتأثير على إرادة الناخبين.
ويستند الادعاء في هذه المحاكمة إلى عدة نصوص قانونية، أبرزها فصول من القانون الجنائي المغربي، مثل الفصل 129 المتعلق بالمشاركة في الجرائم، والفصل 540 الذي يجرّم النصب، والفصل 264 المرتبط بالتهديد، كما يستند الادعاء إلى مواد من قانون الانتخابات رقم 11-57، خاصة الفصول 54 و65 و66 التي تحدد الأحكام المتعلقة بنزاهة العملية الانتخابية ومعاقبة المخالفات، إضافة إلى الفصل 316 من مدونة التجارة، الذي يخص الشيكات واستخدامها بشكل غير قانوني.
وطفت هذه القضية على السطح تزامنا مع التنافس على مناصب المسؤولية داخل المجلس البلدي لمدينة صفرو، ما يطرح تساؤلات عميقة حول نزاهة الانتخابات المحلية وسبل ضمان شفافية الممارسة السياسية بعيدا عن الاستغلال والضغوط، حيث من المنتظر أن تسلط المحاكمة الضوء على هذه الاختلالات وتكشف تفاصيل إضافية قد تؤثر على مشهد التسيير المحلي بالمدينة.