دخلت مقتضيات القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية حيز التنفيذ، بعد صدوره في الجريدة الرسمية عدد 7099 برسم الأسبوع المنصرم.
ويسعى القانون إلى تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة والتحكيم والصلح لحل النزاعات المرتبطة بالاستثمار وتيسير وتسهيل إجراءاتها بهدف تحقيق السرعة والمرونة والفعالية والحفاظ على الروابط الاقتصادية والتجارية بين الأطراف.
وتشجع مقتضيات هذا القانون فض المنازعات بعيدا عن القضاء وشكلياته وتعقيد إجراءاته وبطء مساطر، وهو توجه تسير عليه معظم التجارب الدولية؛ وهو ما شأنه أن يشجع الاستثمار.
وتوفر مقتضيات التحكيم والوساطة الاتفاقية مزايا عديدة؛ من قبيل السرعة في فض النزاع، ناهيك عن الطابع السري لمسطرة المنازعة، وكذا مرونة المسطرة مقارنة مع المسطرة القضائية، وضمان الحياد بالنسبة إلى الأجنبي الذي يعتبر طرفا في النزاع.
ونظام التحكيم موجود في المغرب منذ سنة 1913 من خلال قانون المسطرة المدنية القديمة، وتم التنصيص عليه في القانون المسطرة المدنية سنة 1974، إضافة إلى القانون 08.05 الذي سن قواعد جديدة لتنظيم التحكيم والوساطة الاتفاقية.
واعتبارا للتطور الذي عرفه المغرب، وتنفيذا لتوجيهات ملكية صدرت سنة 2009، تم اعتماد القانون الجديد لتطوير الطرق القضائية البديلة للاستجابة لرغبة المستثمرين في تبسيط وتسريع المساطر الإدارية والقضائية.
وبموجب القانون، سيفتح المجال أمام رجال الأعمال والشركات والأشخاص لربح الوقت في المقام الأول، ثم لإيجاد حلول لمشاكلهم، فضلا عن إعفاء القضاء من كثير من الملفات التي يمكن حلها بالاستعانة بالوساطة أو التحكيم.
ويراد في مدلول هذا القانون بالتحكيم عرض نزاع على هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم من طرف الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقة قانونية تعاقدية أو غير تعاقدية.
ولا يمكن إسناد مهمة المحكم إلا إلى شخص ذاتي كامل الأهلية يتوفر على الحد الأدنى من الخبرة والكفاءة العلمية تؤهله لممارسة مهمة التحكيم ولم يسبق أن صدر ضده حكم حائز لقوة الشيء المقضي به بالإدانة من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفقات الاستقامة أو الآداب العامة.
كما لا يؤهل لمهمة التحكيم كل شخص كان موضوع عقوبة تأديبية انتهت بعزله من وظيفة رسمية أو صدرت في حقه إحدى العقوبات المالية المنصوص عليها في القسم السابع من الكتاب الخامس من مدونة التجارة، أو الحرمان من أهلية ممارسة التجارة أو حق من حقوقه المدنية.
وينص القانون على أن الأشخاص الذاتيين الذين يقومون اعتياديا أو في إطار المهنة بمهام المحكم، إما بصورة منفردة أو ضمن شخص اعتباري، أن يكونوا مسجلين ضمن قائمة المحكمين ومن المرتقب أن تحدد كيفيات مسك القائمة وشروط التسجيل فيها والتشطيب منها بنص تنظيمي، على ألا يسجل فيها إلا ذوو الخبرة والكفاءة العلمية.
ويتحدث النص عن التحكيم الداخلي وتشكيل هيئته وكيفيات تجريحها، إضافة إلى مسطرة بدء إجراءات التحكيم والطلبات العارضة. أما الحكم التحكيمي فيجب أن يصدر بأغلبية الأصوات بعد مداولات سرية، وبعد الموافقة عليه من طرف المحكمين يودع أصل منه بنسخة من اتفاق التحكيم لدى كتابة الضبط في المحكمة المختصة.
ويفتح النص أيضا المجال للتحكيم الدولي، شريطة عدم الإخلال بما ورد في الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من لدن المملكة المغربية والمنشورة في الجريدة الرسمية، وتخضع هذه المسطرة لشروط عدة.
وإلى جانب التحكيم، وردت ضمن القانون مقتضيات تنظم الوساطة الاتفاقية التي يمكن اللجوء إليها من أجل تجنب نزاع أو تسويته من خلال الاتفاق على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح ينهي النزاع.