مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، تجد العديد من الأسر المغربية صعوبات كثيرة في العثور على حدائق عائلية للترفيه عن أبنائها، بسبب قلة الفضاءات الخضراء التي تخصصها المجالس الترابية للسكان، في مقابل تزايد المشاريع الإسمنتية التي لا تراعي المقتضيات البيئية العالمية.
وتفتقد بعض المدن، كذلك، إلى مشاريع التشجير الملائمة لخصوصياتها الثقافية والمناخية، ما دفع فعاليات بيئية إلى المطالبة بتغيير صنف الأشجار التي يتم غرسها بجنبات الشوارع؛ كما دعت إلى تحسيس المنتخبين بأهمية البعد البيئي في صياغة وتنفيذ السياسات العمومية.
وفي هذا السياق، قال محمد بنعبو، خبير في المناخ والتنمية المستدامة والهندسة المناخية، إن “المدن الكبرى للمملكة مازالت في حاجة إلى مخططات مناخية تواكب الإستراتيجية المغربية في مجال البيئة، قصد الحد من التأثيرات البيئية الناجمة عن التغير المناخي”.
وأضاف بنعبو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مدينة الرباط لوحدها تستوفي المعايير البيئية العالمية، حيث تم تخصيص 40 مترا مربعا لكل مواطن، وتم استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء، وهو ما حافظ على جمالية المدينة”.
وواصل الخبير المناخي بأن “الدار البيضاء على سبيل المثال لا تتعدى مساحاتها الخضراء متراً ونصف متر مربع لكل مواطن، وهي نسبة ضعيفة للغاية بالنظر إلى الكثافة السكانية المرتفعة”، مبرزاً أن “الرباط مدينة نموذجية يحتذى بها، لكن باقي المدن ينبغي أن تسرع من وتيرة اشتغالها على المجال البيئي”.
وتابع المتحدث ذاته بأن “الرؤية الاستباقية في مجال المساحات الخضراء غائبة بمجموعة من المدن الكبرى، ما يتطلب ضرورة إعداد مخططات مناخية على الصعيدين الجهوي والإقليمي لمواجهة التغير المناخي، بما في ذلك موجات الحر الشديد التي تدفع السكان إلى البحث عن الحدائق”.
فيما أبرز أيوب كرير، باحث جامعي في التنمية المستدامة، أن “الجماعات الترابية لا تفعّل مضامين القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، خاصة شقه البيئي الذي يلزمها بإحداث مساحات خضراء جديدة لزيادة جمالية المدن الصغرى والكبيرة”.
وأردف كرير، في حديث لهسبريس، بأن “المعايير البيئية غائبة بالأحياء السكنية الجديدة، بينما تفتقر الأحياء السكنية القديمة أصلا إلى مشاريع التشجير، ما يضاعف معاناة الأسر خلال فصل الصيف، حيث تضطر إلى التنقل لمسافات طويلة للاستجمام بالحدائق العائلية”.
وأوضح الناشط البيئي عينه أن “قانون التعمير يحدد نسبة المساحات الخضراء بالتجزئات السكنية، لكن ذلك يظل حبيس الأوراق القانونية فقط”، منبها إلى “تنامي نفوذ لوبيات العقار بالمدن الكبرى، مقابل ضعف أدوار الشرطة البيئية التي تعجز عن مراقبة المناطق السكنية الجديدة”.